Top
Image Alt

مراتب المراسيل

  /  مراتب المراسيل

مراتب المراسيل

المسألة الثالثة: مراتب المراسيل:

هل يجوز للراوي أن يتعمد الإرسال؟ والأسباب الحاملة عليه:

مما سبق اتضح أن المرسَل ليس في مرتبة واحدة، بل هو في مراتب، بعضها محتج به وبعضها غير محتج به، وسنذكرها مرتبة ترتيبًا تنازليًّا:

المرتبة الأولى: ما أرسله صحابي ثبت سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كمراسيل أبي هريرة وعبد الله بن عباس وغيرهما، وهذا النوع صحيح لا غبار عليه كما سبق ذلك.

المرتبة الثانية: ما أرسله صحابي له رؤية فقط، ولم يثبت سماعُه، وذلك كمراسيل من توفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وهم دون التمييز، فهذا النوع من المراسيل حكمه حكم مرسَل التابعين.

المرتبة الثالثة: ما أرسله المخضرمون.

المرتبة الرابعة: ما أرسله من كبار التابعين المتقنين كسعيد بن المسيب.

المرتبة الخامسة: ما أرسله من كبار التابعين، وكان يتحرى في شيوخه، فلا يرسل عن كل أحد، كعامر بن شرحبيل الشعبي ومجاهد بن جبر.

المرتبة السادسة: ما أرسله رجلٌ من كبار التابعين، غير أنه لا يتحرى في شيوخه بل كان يرسل ويأخذ عن كل أحد، كالحسن البصري.

المرتبة السابعة: ما أرسله صغار التابعين، كقتادة والزهري وحميد الطويل، فإن غالب رواية هؤلاء عن التابعين.

المسألة الرابعة: هل يجوز للراوي أن يتعمد الإرسال؟ إن هذا الحكم يختلف باختلاف من يُسقطه الراوي من الإسناد:

أولًا: إن كان الراوي لا يُسقط من الإسناد إلا المتفق على عدالته عنده وعند غيره، فهذا جائز بلا خلاف، كمراسيل الصحابة، فإن الساقط من الإسناد صحابيُّ، والصحابة جميعًا عدول بتعديل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لهم.

ثانيًا: إن كان الراوي لا يُسقط من الإسناد إلا ما كان عدلًا عنده فقط أو عدلًا عند غيره فقط- فالجواز فيهما محتَمل بحسب الأسباب الحاملة عليه.

ثالثًا: إن كان الراوي يُسقط من الإسناد ما ليس بعدل عنده وعند غيره فهذا ممنوعٌ بلا خلاف.

المسألة الخامسة: الأسباب الحاملة على الإرسال:

لإرسال الحديث أسباب متعددة نوجزها فيما يلي:

السبب الأول من أسباب إرسال الحديث: أسباب سياسية: فقد لا يستطيع الراوي أن يذكر اسم من سمع منه الحديث خوفًا على نفسه من الضرر؛ لخلاف بين السلطة القائمة وشيخ الراوي الذي سمع منه الحديث، فيُرسل الحديث لذلك، مثال ذلك: أن الحسن البصري رحمه الله كان يرسل الأحاديث التي سمعها من علي بن أبي طالب   رضي الله عنه   خوفًا على نفسه من الحَجّاج بن يوسف الثقفي.

السبب الثاني من أسباب إرسال الحديث: أن يكون الراوي سمع الحديث من أكثر من راوٍ عن الذي أرسل الحديث عنه، فلثقته وتحققه من هؤلاء الذين حدّثوه عن هذا الشيخ لكثرتهم فإنه يُرسل الحديث عنه، ولا يذكر من حدثوه عنه لثقته بهم.

السبب الثالث من أسباب إرسال الحديث: قد يريد الإمام أن يستدل على ما يقول، فيذكر المتن ولا يذكر من حدّثه به اختصارًا وتقريرًا على المتعلم، كما فعل الفقهاء.

السبب الرابع من أسباب إرسال الحديث: اختبار طلاب العلم؛ ليقف الشيخ على مدى معرفتهم.

السبب الخامس من أسباب إرسال الحديث: قد يتعمد الراوي الإرسال؛ لأن شيخه الذي سمع منه الحديث ضعيف.

error: النص محمي !!