Top
Image Alt

مراحل التخريج “عدة المخرِّج”

  /  مراحل التخريج “عدة المخرِّج”

مراحل التخريج “عدة المخرِّج”

مراجع التخريج، أي: عدة المخرج ومراحل التخريج إجمالًا، أي: طرق التخريج إجمالًا:

المرحلة الأولى للتخريج العلمي:

للتخريج كتب في الحديث معتبرة شهد لها العلماء بالقبول؛ فليس كل كتاب وجد به الحديث وأسند إليه يعتبر التخريج منه تخريجًا علميًّا؛ وإنما الرجوع في ذلك يكون إلى كتب الحديث المعتبرة؛ كالصحيحين والسنن الأربعة: أي: (صحيح الإمام البخاري) و(صحيح الإمام مسلم) و(سنن أبي داود)، و(سنن الترمذي) و(سنن النسائي) و(سنن ابن ماجه) و(سنن الدارمي) و(موطأ الإمام مالك) و(مسند الإمام أحمد بن حنبل) و(السنن الكبرى) للبيهقي و(المستدرك) للحاكم النيسابوري و(صحيح ابن خزيمة) و(صحيح ابن حبان) و(سنن الدارقطني) والمعاجم الثلاثة للطبراني: (المعجم الكبير)، و(المعجم الأوسط)، و(المعجم الصغير). فهذه هي أهم مراجع كتب الحديث المعتبرة والتي هي أساس في التخريج، والعزو إليها الموجود بين أيدينا غالبًا، وما ذكر من غيرها من كتب الحديث قد احتوته واشتملت عليه في الغالب هذه الكتب، وهي التي يبدأ بها عند التخريج في الحديث.

كما أن التخريج يكون معتبرًا إذا كان من كتب التفسير التي يأتي الحديث فيها بالسند المتصل، وكذلك كتب التواريخ إذا جاء الحديث بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه  وسلم.  هذه هي المرحلة الأولى.

المرحلة الثانية: إذا لم نجد الحديث في هذه الكتب؛ فعلينا أن نبحث في كتب رجال الحديث يعني كتب التواريخ؛ فهذه الكتب يوجد بها أحاديث كثيرة مروية بإسنادها، من هذه الكتب مثلًا: (الإصابة في تمييز الصحابة) لابن حجر العسقلاني، (أُسد الغابة في معرفة الصحابة) لابن الأثير، (الطبقات الكبرى) لابن سعد، (الاستيعاب في معرفة الأصحاب) للإمام ابن عبد البر، (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادي، (تاريخ دمشق) لابن عساكر، وغير ذلك من كتب الرجال.

إذن المرحلة الأولى في عُدة التخريج: أن نرجع للكتب الستة وغيرها من الكتب الحديثية المعتبرة، فإذا لم نجد فيها نلجأ إلى كتب الرجال أو إلى كتب التواريخ -كما يسمونها- فنبحث فيها؛ فالحديث إذا كان فيها متصلًا إلى الرسول صلى الله عليه  وسلم يعد ذلك من التخاريج المعتبرة.

ثم تكون المرحلة الثالثة بعد البحث في هذه الكتب -أي: كتب التواريخ ومن قبلها في كتب الأحاديث- والتقصي في هذه الكتب إذا لم يوجد الحديث، نلجأ إلى كتب الحديث الضعيفة والموضوعة؛ فلعل السبب في عدم ورودها فيما سبق من كتب هو ضعفها، أو الطعون التي وجهت إلى رواية هذه الأحاديث.

ومن هذه الكتب؛ بل ومن أشهر ما ألف في ذلك:

1. كتاب (الموضوعات) لابن الجوزي، ويعرف بـ(الموضوعات الكبرى).

2. كتاب (اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) للإمام السيوطي.

3. (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة) لابن عراق الكتاني.

هذه هي أهم الكتب التي ألف في الأحاديث التي طعن في بعض رواتها؛ فجعلت من قبيل الحديث الضعيف أو الموضوع، والموضوع: هو شر أنواع الضعيف على رأي من جعله نوعًا من أنواع الحديث الضعيف.

من هذه الكتب: كتاب (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) للإمام الشوكاني.

مجموع هذه الكتب تمثل المرحلة الثالثة. إذا لم نجد الحديث في كتب الأحاديث المعتبرة ولا في كتب الرجال نلجأ إلى هذه الكتب التي تخصصت في المجيء بالأحاديث الضعيفة أو الموضوعة.

ثم تكون المرحلة الرابعة: هذه المرحلة هي المرحلة الأخيرة في التخريج؛ فبعد أن يبحث الباحث في الكتب الصحيحة من السنة وفي كتب السنن المعتبرة وفي كتب رجال الحديث، وفيما ألِّف من كتب في الأحاديث الضعيفة والموضوعة ولم يجد الحديث الذي يبحث عنه يلجأ إلى كتب التفسير؛ فهي مليئة بالآثار وإلى ما ألف من كتب في غير الحديث، مثل ما جاء في علم أصول الفقه، وفي كتب الفقه وفي

كتب العقائد؛ فكل هذه الكتب مليئة بالأحاديث وتعتمد اعتمادًا كبيرًا على الأحاديث؛ فيسند إليها الحديث إذا وجد بها ولا يكون هذا تخريجًا علميًّا إلا إذا كان الحديث مسندًا؛ وإنما يذكر لمجرد النسبة إلى الكتاب الذي به الحديث ويسمى ذلك بالعزو لا بالتخريج.

وإذا كان المؤلف في التفسير أو الفقه أو الأصول أو العقائد يروي الحديث بإسناده، ويحكم على الحديث بالصحة أو الحسن أو الضعف أو الوضع بحسب ما يقتضيه حال السند الذي أتى به الحديث في هذه الكتب بإسنادها الخاص، وإذا قام الباحث بهذه المراحل الأربعة، وبحث ودقق، وفحص فحصًا علميًّا متأنيًا، ولم يعثر على الحديث الذي أراد تخريجه؛ فينبغي له عدم القطع بأن الحديث لا أصلَ له -كما وقع في ذلك كثير من الناس- بل ينبغي أن يقول: لا أعرفه، أو لم أجده فيما وصلتْ إليه يداي من كتب؛ فلعل أن يأتي بعده من يوفقه الله تعالى للبحث عن هذا الحديث ويتيسر له ما لم يتيسر للباحث الأول؛ فيقف على حال الحديث في كتاب لم يصل هذا الباحث إليه؛ فيبين حال الحديث، وهذا هو شأن العلماء، أي: إذا لم يجد الحديث بعد كل ذلك يقول: لم أجده، ولا يقل: ليس بحديث، أو لا أصل له. إنما يقول: لم أجده، ويترك الباب مفتوحًا لغيره في البحث؛ فلعله أن يصل إليه.

مفاتيح التخريج: الذي ذكرناه سابقًا هو كتب الحديث التي يخرج منها؛ أما كيف أن يصل الباحث إلى الحديث في هذه الكتب؛ فلذلك كتب أخرى تعرف بالمفاتيح -أي: مفاتيح التخريج- كتب تكتب جزءًا من الحديث، وتدلنا هذه الكتب على موضع الحديث في كتب الحديث تعرف بمفاتيح التخريج، وطرق التخريج الخمسة كل طريق له مفاتيح خاصة به.

ما سبق هو بيان للكتب التي يخرج منها الحديث -أي: ينسب إليها- وللوصول إلى الحديث بسهولة ويسر في كتب الحديث ومراجعه الأصلية، يرجع -أولًا- إلى مفاتيح التخريج، وهذه المفاتيح هي الكتب التي تُشير إلى موضع الحديث في كتب الحديث الأصلية، وقد يخلط بعض الناس -بل بعض العلماء- بين كتب التخريج ومفاتيح التخريج؛ فينسبون الحديثَ إلى كتب من كتب المفاتيح، وهذا خطأ فاحش وخلط بين كتب الحديث ومفاتيح التخريج.

فالذي يخرج الحديث يطبق ما يقوله كتاب المفتاح، ومن المحتمل أن يخطأ المفتاح؛ فيدلك على موضع الحديث وتقوم بالبحث في الكتاب الذي أشار إليه فلا تجده، ومن هنا ينبغي عدم ذكر المفتاح في التخريج؛ وإنما الذي يذكر هو المرجع الأصلي في التخريج، أي: كتاب الحديث المعتمد لدَى علماء الحديث والذي تلقته الأمة بالقبول.

ومفاتيح التخريج كثيرة وهي أنواع، كل نوع يختص بطريقة من طرق التخريج:

النوع الأول من مفاتيح التخريج:

هو التخريج عن طريق معرفة أول لفظ من متن الحديث، أي: الجزء الأول من الحديث، الحرف الذي بدأ به الحديث؛ فإذا عرف الباحث أول كلمة من الحديث لجأ إلى هذه المفاتيح؛ ليخرج حديثه منها، هذه المفاتيح مرتبة ترتيبًا أبجديًّا بالنسبة لأول جزء من الحديث. فمثلًا تضع الأحاديث التي أولها حرف الألف متجاورة، ثم التي أولها حرف الباء، ثم التي أولها حرف الثاء…. وهكذا إلى نهاية حروف المعجم مع مراعاة الترتيب المعجمي للحرف الأول والثاني في الكلمة الأولى؛ فمثلًا حرف الألف يكون الحرف الثاني بعده مراعًى فيه الترتيب الأبجدي.

وبعد ورود الحديث في هذه المفاتيح يذكر المؤلف المراجع وكتب الحديث التي جاء بها هذا الحديث، وبعضها يذكر اسم الصحابي راوي الحديث، وبعضها لا يذكر، وبعضها يبين درجة الحديث، وبعضها لا يبين ذلك. ومن هذه المفاتيح ما يتناول أكبر قدر ممكن من السنة مثل (الجامع الكبير) للإمام السيوطي، الذي به أكثر من تسعين ألف حديث، و(الفتح الكبير) للسيوطي و(الجامع الصغير) للسيوطي.

وبعض هذه الكتب -أي: هذه المفاتيح- يقتصر على الأحاديث المشهورة على ألسنة الناس فقط مثل (كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما يدور من الحديث على ألسنة الناس) للإمام العجلوني، وكتاب (تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث) لابن الديبع، وكذلك كتاب (المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة) للسخاوي.

وإليك أهم هذه المفاتيح التي تؤلف معتمدة على الترتيب الأبجدي للحرف الأول والثاني من أول كلمة من متن الحديث:

أهم المراجع على طريقة حروف المعجم بالنسبة للجزء الأول من الحديث كثيرة جدًّا، من هذه المفاتيح:

1. (الجامع الصغير) للسيوطي.

2. (الفتح الكبير) للشيخ يوسف النبهاني، وأصل الكتاب للسيوطي، وهو (الجامع الصغير وزياداته) للسيوطي.

3. (الجامع الكبير) للسيوطي.

4. (كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق) للإمام عبد الرءوف المناوي.

5. كتاب (كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما يدور من الحديث على ألسنة الناس) للعجلوني.

6. وكتاب (المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة) لمحمد بن عبد الرحمن السخاوي.

7. و(تمييز الطيب من الخبيث فيما يدول على ألسنة الناس من الحديث) لابن الديبع الشيباني.

8. وكتاب (التذكرة في الأحاديث المشتهرة) لبدر الدين محمد عبد الله الزركشي.

9. وكتاب (الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة) لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي.

10. وكتاب (اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة مما ألف الطبع وليس له أصل في الشرع) لابن حجر العسقلاني.

11. وكتاب (البدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير) لعبد الوهاب بن أحمد الشعراني.

12. وكتاب (إتقان ما يحسن من الأحاديث الدائرة على الألسن) لنجم الدين محمد بن محمد البزي، جمع فيه بين كتاب الزركشي، وكتاب السيوطي، وكتاب السخاوي، وزيادات حسنة على هذه الكتب.

13. (تسهيل السبيل إلى كشف الالتباس عما دار من الأحاديث بين الناس) لمحمد بن أحمد الخليلي.

14. (أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب) لمحمد بن درويش، الشهير بالحوت البيروني، جمعها أبو زيد عبد الرحمن.

وغير ذلك من الكتب الكثيرة التي وردت في (الرسالة المستطرفة) وكتاب (تحذير المسلمين) لمحمد بن البشير ظافر.

وهذه الكتب التي ذكرتها لك من مفاتيح التخريج منها المطبوع وهي -بحمد الله تعالى- كثيرة تكلمت في الغالب على كثير مما ورد من السنة، ومنها المخطوط الذي ما زال حبيسًا في المكتبات وخزائن الكتب، ونسأل الله تعالى أن يهيئ لها من يقوم بطبعها ونشرها ليعم نفعها على جميع المسملين.

error: النص محمي !!