مسند الحميدي
هو أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى الحميدي الأسدي، أصله من مكة، صحب الشافعي إلى مصر وظل معه حتى وفاته، ثم عاد بعد ذلك إلى مسقط رأسه مكة، وروى عن الشافعي وسفيان بن عيينة وغيرهما. حدّث عنه البخاري وغيره، ويعتبر بصفة عامة محدثًا ثقة. نقل البخاري من كتبه في ثلاث وثلاثين موضعًا برواية مباشرة عنه، في حين أنه ذكره حوالي أربعين مرة، اعتمادًا على مصادر أخرى، وله تراجم متعددة في كتب مِن كتب الرجال.
فلقد ترجم له الإمام ابن سعد في كتاب (الطبقات)، وترجم له الإمام البخاري في كتاب (التاريخ الكبير) الجزء الثالث، وترجم له الإمام ابن أبي حاتم الرازي في كتاب (الجرح والتعديل) في المجلد الثاني، وترجم له الإمام الذهبي في (تذكرة الحفاظ)، وترجم له ابن حجر العسقلاني في كتابه (التهذيب)، وترجم له الإمام ابن كثير في كتاب (البداية والنهاية) كما ترجم له الزركلي في كتابه (الأعلام)، وترجم له رضا كحالة في كتابه القيم (معجم المؤلفين). وهذه الترجمة التي ذكرتها باختصار هي مأخوذة من كتاب (تاريخ التراث العربي) لفؤاد سِزِْكِين.
الإمام الحميدي له آثار حميدة طيبة كبيرة وكثيرة، أولها ما يتعلق بموضوعنا كتاب المسند. هذا الكتاب كتاب عظيم، يوجد منه في مكتبة الظاهرية، وفي حيدرآباد مكتبة الجامعة العثمانية. نشر المجلد الأول حبيب الرحمن الأعظمي، نشره في كراتشي في سنة 1963 ميلادية، كما أن له كتابًا في النوادر، ذكر ذلك ابن حجر في كتاب (الإصابة) في الجزء الثالث في ص1277، كما ذكر كتاب (النوادر) هذا على أنه من مؤلفات الحميدي في (فتح الباري).
و(مسند الحميدي) يعتبر كتابًا في الحديث، يستخدم فيه الطريقة الأولى، أي: في طريقة الأطراف بالنسبة للراوي الأعلى للحديث.
وصف شامل لـ(مسند الحميدي):
أقول: هذا المسند للحافظ الحميدي مؤلَّف على طريقة مرويات كل صحابي على حدة، والكتاب ليس كبيرًا، ويتألف من أحد عشر جزءًا حديثيًّا، ومن أجل ذلك سُمِّي مسندًا، وهو في النسخة المطبوعة في عشرة أجزاء حديثيةً.
والكتاب يشتمل على ألف وثلاثمائة حديث، حسب الترقيم في النسخة المطبوعة، ورتب الحميدي أسماء الصحابة في مسنده هذا بحسب فضلهم وسَبْقهم في الإسلام، فبدأ بالأربعة الخلفاء: أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي بن أبي طالب، ثم باقي العشرة المبشرين بالجنة إلا طلحة بن عبيد الله لم يذكره في مسنده؛ لأنه لم يظفر بحديث من طريقه، هذا هو السبب، ثم بعد ذلك ذكر مروياتِ أمهات المؤمنين، ثم باقي الصحابيات، ثم أحاديث الأنصار، وعدد أسماء الصحابة الذين روَىَ لهم الحميدي في مسنده هذا مائة وثمانين صحابيًّا، ولم يروِ من طريق عدد كبير منهم إلا حديثًا واحدًا.
طبعات هذا المسند ونشره:
لقد طُبعَ هذا المسند -بعون الله تعالى- ونشر وأصبح متداولًا بين المسلمين، وعني بطبعه ونشره المجلس الأعلى بالباكستان، وحققه وعلق عليه فضيلة الأستاذ حبيب الرحمن الأعظمي، جزاه الله خيرًا، وقام الشيخ الأعظمي -رحمه الله تعالى- بترقيم أحاديث الكتاب، ورتب أحاديث الكتاب ترتيبًا أبجديًّا بحسب الحرف الأول للحديث، ثم أشار إلى رقمه في المسند، وقد طبع الكتاب في مجلدين متوسطين، طبع المجلد الأول سنة 1382 هجرية.
كيفية البحث في هذا المسند:
أولًا: لا بد أن يعرف الباحث الراويَ الأعلى، أي: الصحابي الذي روى الحديث الذي يريد الباحث تخريجه.
ثانيًا: يبحث في المسند عن اسم الصحابي راوي الحديث المراد تخريجه، ثم يفتش في كل مرويات هذا الصحابي، فإذا لم يجد حديثه فيه فليعلم أن الحميدي لم يرو هذا الحديث في مسنده، فعليه البحث في كتاب آخر من كتب السنة، حتى يقف على هذا الحديث الذي يريد أن يخرجه، والله أعلم.