(مسند علي بن الجعد)
ألفه ورتبه البغوي عبد الله بن محمد بن عبد العزيز أبو القاسم البغدادي، ولد سنة أربع عشرة ومائتين، وتوفي سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وكان ثقة ثبتًا، جبلًا في الحفظ وفي الحديث.
وأما علي بن الجعد فهو مسند بغداد الحافظ الحجة، ولد سنة أربع وثلاثين ومائة، وتوفي لِسِت بقين من رجب سنة ثلاثين ومائتين، قال ابن عدي: لم أرَ في رواياته حديثًا منكرًا؛ إذا حدث عنه ثقة.
وقال ابن الجعد: قدم شعبة إلى بغداد مرتين أيام أبي جعفر وأيام المهدي, وكتبت عنه فيهما جميعًا.
ومنهج البغوي في هذا (المسند) أنه يروي أحاديث علي بن الجعد، ويرتبها على أسماء شيوخه؛ فيروي أحاديثه عن الشيخ، ثم يروي أحاديثه عن غيره، وهكذا, ويقسم أحاديث شيخه بحسب شيوخه أيضًا، فيقول: شعبة -مثلًا- عن الأعمش، ثم شعبة عن فلان وعن فلان, وهكذا.
وفيه فوائد كثيرة فيما يتصل بترجمة الشيوخ والتعريف بهم، ويعتبر جامعًا مثل (المعجم) للطبراني يعتبر معجمًا، والمعاجم هي التي تُروى فيها الأحاديث بحسب شيخ المصنف، وهنا بحسب شيخ شيخه؛ لأنه هو الذي رتب أحاديث شيخه، وقدمها في هذا (المسند).
ومن الأحاديث التي فيه رقم 1607 أنه قال: حدثنا علي -أي: ابن الجعد- أخبرنا شعبة عن عمرو بن دينار قال: سمعت أبا سلمة يحدث عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يجمع الرجل بين المرأة وبين عمتها، ولا بين المرأة وبين خالتها)) ثم قال بعده: روى غندر عن شعبة عن عمرو بن دينار عن أبي سلمة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يذكر أبا هريرة، ثم قال: حدثنا ابن عباد قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: وحدثنا سريج بن يونس وعمرو الناقد قال: حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، في قوله: ولم يسنداه، قال: وحدثناه ابن المقرئ قال: حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي سلمة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يذكر فيه أبا هريرة، قال: ورواه الحميدي موصولًا مثل رواية ابن عباد.
فكان البغوي أحيانًا يتبع روايةَ علي بروايات غيره؛ ليحقق ما في السند من الوقف أو الرفع، ويترك الترجيح لِمَن يتابع هذه الروايات ويقارن بينها، فتسميته مسندًا ليست على الأصل؛ وإنما لأن أحاديثه مسندة، وهذا يدل على أن بعض المسانيد رتبت على حسب المعاجم، ومن ذلك (معجم الطبراني الأوسط) و(معجم الطبراني الصغير) حيث رتبت الأحاديث بحسب الشيوخ يذكر حديث الشيخ، فإذا فرغ من أحاديثه ذكر أحاديث غيره من الشيوخ.