Top
Image Alt

مصادر المنهج

  /  مصادر المنهج

مصادر المنهج

يقصد بمصادر المنهج الأساسيات التي يعتمد عليها في تشكيله، وتتنوع المصادر التي يعتمد عليها المنهج في تشكيله وتكوينه وبنائه إلى مصادر مختلفة.

أولًا: المصادر الفلسفية:

وتتنوع المصادر الفلسفية للمنهج تنوعًا كبيرًا، وقد تنوعت هذه المصادر عبر العصور المختلفة، وظهرت انعكاساتها على المناهج الدراسية والتعليمية عبر العصور كما ظهرت كذلك آثارها على مصممي المناهج الدراسية، وظهرت بوضوح على الوظيفية الأساسية للتربية ظهرت بوضوح على الوظيفة الأساسية للتعليم والمتعلم أيضًا، ظهرت أيضًا كذلك على تحقيق أهداف المؤسسات التعليمية، فأثرها واضح على المنهج، وقد تعددت الفلسفات التربوية، وتنوعت تصنيفاتها؛ ولذلك قسمت إلى فلسفتين؛ وهما الفلسفة التقليدية والفلسفة التقدمية، ومثال الفلسفة التقليدية الفلسفة المثالية والواقعية، ومثال الفلسفة التقدمية الفلسفة الطبيعية، والنفعية، والتوفيقية.

وفيما يلي عرض لكل ذلك الفلسفة التقليدية؛ حيث يرى أصحاب هذه الفلسفة أن الوظيفة الأساسية للتربية هي نقل وحفظ التراث الثقافي للمجتمع عبر الأجيال، وهي بهذا تهيئ للمتعلمين، وتهيئ المتعلمين أيضًا لحياة نافعة للمجتمع بأسره كما أنها تركز على إكساب المتعلمين لأساسيات المعرفة ومبادئها؛ لأنها أهم من إشباع الرغبات والدوافع والميول.

والتركيز على كل ما من شأنه أن يعلي العقل، وعلى أن يتيح للعقل أفضل سبل المعرفة والتحصيل؛ ولذا فقد أهملت هذه الفلسفة كل ما له علاقة بالجسد والاهتمامات والميول والوجدان؛ أما الفلسفة التقدمية، فقد ركزت على الحاجات والميول وحل المشكلات داخل المجتمع، وبذلك كان تركيزها على الجوانب الوجدانية، وقد وقد ركزت الفلسفة التقدمية على ثلاثة أنماط متنوعة داخل البيئة التعليمية، وكذلك داخل الحياة بصفة عامة فقد ركزت على المتعلم بهدف تنمية قدراته، وميوله وتلبية اهتماماته، وهو ما يحصل داخل قاعات الدراسة وركزت على المجتمع بتحديد مشكلات المجتمع، وكيفية توظيف المنهج، وكافة عناصر العملية التعليمية لتقديم حلول عادلة وسريعة وحازمة لتلك المشكلات.

كما ركزت على الجمع ما بين الفرد أو المتعلم واحتياجاته، وما بين المجتمع ومشكلاته في إطار واحد شامل ومتكامل بهدف تحقيق التواؤم والتكامل ما بين حاجات الفرد أو المتعلم، وأيضًا حاجات المجتمع.

الأصول الإسلامية للمنهج التربية الإسلامية متفردة في نظامها؛ لأنها محددة الأهداف واضحة وموضحة لكل ما ورد بالقرآن الكريم، وما أيدته الأحاديث النبوية، فقد أرست التربية الإسلامية قواعد هذا النظام، وبهذا كان لها سمات خاصة تميزت بها عن غيرها من النظم التربوية التي ارتبطت بمفكر معين أو فكر معين أو عصر معين أو شعب ما أو حقبة تاريخية محددة، ويشير مفهوم التربية الإسلامية إلى أنها تنشئة الفرد على الإيمان بالله ووحدانيته تنشئة تبلغ به أقصى ما تسمح إمكاناته وطاقاته حتى يصبح في الدنيا قادرا على فعل الخير لنفسه، ولأمته وعلى خلافة الله في أرضه، وجديرا في الآخرة برضى الله سبحانه وتعالى وثوابه؛ لذا كان المنهج في التربية الإسلامية هو القرآن الكريم والسنة المطهرة.

ثانيًا: المصادر الاجتماعية:

والمصادر الاجتماعية يراد بها التراث الاجتماعي، ويتكون التراث الاجتماعي من الأشياء التي يعرفها الإنسان من خلال تفاعله مع مجتمعه وبيئته، وكذلك تعامله مع الناس، فالناس لا يؤمنون ولا يعتقدون إلا في الأشياء التي يصدقونها، ويرونها واقعا في مجتمعها ويستخدمونها باستمرار ويستمتعون بها ويحصلون منها على نفع كثير، ويرون هذه الممارسات، والعمليات سائدة في المجتمع ويمارسها جميع أفراده؛ ولذلك تعد هذه الأمور والممارسات بمثابة تراث وثقافة اجتماعية ومن ثم فالتراث الاجتماعي معقد، ويتكون من عدد من العناصر المختلفة مثل نظام الأسرة وطرق العناية بالأطفال، وطرق تناول الطعام وأنواع الأطعمة المختلفة من مجتمع لآخر والألعاب المختلفة، واللغة والفنون، والقصص الشعبي والمعرفة والأفكار والعقائد والأعياد والآراء الدينية، والطراز العام للملابس والمباني ووسائل النقل والاتصال، والعادات العامة والأعراف والتقاليد والقيم والمبادئ، والاتجاهات المنتشرة في المجتمع وغير ذلك؛ ولذا نجد أن عادة أو فعلا قد يكون محمودًا في مجتمع ولا يكون محمودًا في مجتمع آخر.

ولذلك نجد أيضًا أن وسائل الإعلام ووسائل التعلم، والمناهج التعليمية لا بد أن تكون معتمدة أيضًا على المصادر الاجتماعية أو على المصدر الاجتماعي كمصدر رئيس لبناء المنهج.

ثالثًا: المصادر النفسية:

إذ إن عملية بناء المنهج، وبناء المناهج بصفة عامة تركز على طبيعة الإنسان، وعلى الطبيعة البشرية للمتعلمين والدارسين؛ لأنها تركز كل اهتمامها على إحداث سلوكية مرغوبة لدى المتعلمين، ووسيلتهم لتحقيق تلك الغاية هي دراستهم للمناهج نظرا للخصائص الإنسان البيولوجية والنفسية لكل مرحلة من عمره التي يجب أن نضعها في الاعتبار أثناء وتنظيم وبناء وتكوين وإعداد المناهج، ومن ثم فإن الأمر يتطلب إلقاء الضوء على طبيعة عملية التعلم، ونظرا لكون المنهج يتاثر بفكر واضعه أو واضعيه، وفكر مصممه، فالمنهج يركز على الكيفية التي يتم بها علمية التعلم لدى التلاميذ؛ لذلك تنوعت النظريات التي تتحدث عن كيفية التعلم، وعن كيفية حدوث التعلم، وماذا يحدث للمتعلم أثناء التعلم، والعمليات العقلية المرتبطة والمصاحبة لذلك.

وفيما يلي عرض لبعض نظريات التعلم، فقد تنوعت نظريات التعلم وتطبيقاتها على المناهج، وكيفية حدوث عملية التعلم، وعند الحديث عن ذلك ينبغي إلقاء الضوء على الملامح الرئيسة لنظريات التعلم التي أثرت في بناء المناهج، وكيفية حدوث عملية التعلم.

الملامح الرئيسة لعملية التعلم التي أثرت في بناء المناهج يمكن أن نحدد هنا عدة مدارس وعدة مداخل ونظريات: منها المدرسة السلوكية، وفيها نظرية قانون الأثر لفرونديل، والملامح الرئيسة لهذه النظرية عندما نتحدث عن صلة بين موقف معين، واستجابة ما تصاحب هذا الموقف لا بد أن تكون هذه الاستجابة نابعة عن حالة من القناعة والرضى، فإذا كانت الاستجابة كذلك فإن الصلة تقوى ما بين المثير والاستجابة، ولكنها تضعف إذا كانت مصحوبة بحالة إزعاج وعدم رضى.

والنظرية الثانية وهي نظرية الاشتراك الكلاسيكي لواطسن، والملامح الرئيسة لتلك النظرية أنه عندما تكون الاستجابة متنوعة بخفض مستوى الرغبة يكتسب المثير القدرة على الإثارة فيما لو وقع فيما بعد، وتقوى الرابطة بين المثير والاستجابة اعتمادا على الاشتراط بينهما فكلما حدث المثير حدثت الاستجابة، وكذلك نظرية الاشتراط الإجرائي لاسكنر، والاشتراط الإجرائي لاسكنر هو على العكس من الاشتراط الكلاسيكي لواطسن، لا يوجد مثير محدد يؤدي إلى إحداث سلوك معين بشكل دائم.

وبناء على ذلك، وبناء على قانون الأثر “لسلوناديك” أيضًا، فإنه إذا حدث سلوك وتبعه مثير تعزيزي تزداد قوة حدوث وتكرار هذا السلوك، والمدرسة الثانية هي المدرسة المعرفية، وبها عدة نظريات أو تنتمي إلهيا عدة نظريات منها نظرية مراحل النمو “لبيا جي” والملامح الرئيسة لتلك النظرية أنه يحدث النمو الفكري للمتعلم وفق مراحل متسلسلة وهرمية حيث يتميز الطفل في كل مرحلة بخصائص عقلية محددة في معالجة معطيات الخبرة، ويتم استيعاب الخبرات الجديدة بطريقة تعديل هذه الخبرات بحيث تصبح ذات معنى، ويتم صهرها في كل متكامل منظم أو في قالب واحد متكامل، وذات معنى.

النظرية الثانية وهي نظرية مستويات التعلم “لجانييه” ونحن الآن في المدرسة المعرفية وفي النظرية الثانية “لجانييه” والملامح الرئيسة لنظرية مستويات التعلم “لجانييه” حددت هذه النظرية حددت هذه النظرية ثمانية أشكال للتعلم من البسيط إلى المعقد وسواء كان التعلم سلوكيا أم معرفيا، فإنه مبني على متطلبات سابقة منظمة بما يجعل عملية التعلم عملية تراكمية، ونظرية بناء العقل التفكير التقاربي والتباعدي “لجلفورد” والملامح الرئيسة لتلك النظرية أن هناك ثلاثة أبعاد للذكاء، وهي المحتوى، والعمليات، والنواتج وينقسم كل بعد منها إلى عدة جزئيات تتفاعل مع بعضها لتكون مائة وعشرون مكونا من مكونات الذكاء المتميز.

 وأيضًا نظرية التفكير الانعكاسي لـ”دوي” والملامح الرئيسة لتلك النظرية أنه عندما يتطلب الموقف الشعور بالمشكلة، وتوضيحها من خلال المعلومات، واختبار صحة أحد الحلول المناسبة لحل هذه المشكلة ثم التحقق من صحة الأفكار من خلال التطبيق، ويؤدي ذلك بالضرورة إلى حل المشكلات من خلال اختيار الحل المناسب لهذه المشكلة.

وهناك نظرية أخرى، وهي نظرية التفكير الناقد لـ”لمان” والملامح الرئيسة لتلك النظرية أن تعليم التلاميذ كيف يفكرون فيما يتصل بتشكيل المفاهيم أمر مهم، وكذلك بتشكيل التعميمات وعلاقة السبب بالنتيجة، والاستدلال والاتساق، والتعارض والافتراض، وضرب الأمثال وغيرها.

والمدرسة الثالثة، وهي المدرسة الإنسانية، وبها عدة نظريات منها النظرية بنية الموضوع لبرونر وفينكس، والملامح الرئيسة لتلك النظرية أن المعارف والمفاهيم والمبادئ في موضوع معين يتم تعلمها، وبالتالي تعلم الموضوع إذا تم تعلم بنية ارتباط الأشياء أو الجزئيات في الموضوع.

والنظرية الثانية نظرية الحاجة الإنسانية لماسكو، وملامح تلك النظرية أن هناك ست حاجات تتصل ببقاء الفرد وسلامته النفسية، وهذه حاجات مرتبة ترتيبا هرميًّا، وهي التي توجه سلوك الإنسان.

النظرية الثالثة هي نظرية توضيح القيم لـ”رثز” والملامح الرئيسة لتلك النظرية هي تحليل التفضيلات الشخصية والقضايا الأخلاقية لكشفها، وتوضيح القيم الشخصية للفرد ومعتقداته واتجاهاته وآرائه كما أن هناك نظرية القوى العقلية، ويندرج تحتها نظرية الملكات ونظرية التدريب الشكلي، وآراء جون لوك، وكذلك نظرية هاربرت.  وفيما يلي عرض لذلك حيث ترى نظرية الملكات أن الإنسان يتمتع بعدد من الملكات الخاصة به مثل ملكة التذكر والتخيل، أما النظرية التدريب الشكلي، فإنها تستمد جذورها من نظرية الملكات، وترى أن الملكات والقوى العقلية المستقلة تشبه العضلات من حيث إمكانية تقويتها بالتدريب.

أما آراء جون لوك وهو الفيلسوف الإنجليزي الذي غفل عن رغبات الأطفال وميولهم، ونصح بالاهتمام بالعلوم بهدف التدريب العقلي، وليس المعرفة الواقعية التي تتضمنها فقد رأى أن تخزين قدر كبير من المعلومات في عقول التلاميذ يمكن أن يساعدهم على تدريب عقولهم، ولذلك فقد تأثرت المناهج الدراسية بهذه الآراء، فأعطت التلاميذ أكبر قدر من المعلومات دون الاهتمام بفائدتها في حياتهم العملية.

وأخيرًا نظرية هاربرت حيث رأت هذه النظرية أن العقل فراغ تأتي تأتيه الأفكار من الخارج، وأن هذه الأفكار هي التي كانت تكون العقل، وقد تأثرت المناهج بهذه الأفكار فكانت تسعى لحشو أذهان التلاميذ بالمعلومات والآراء دون الالتفات إلى قيمتها العملية في حياتهم، ودون مراعاة لمستوى نضجهم، ولقد تاثرت المناهج الدراسية بكل ذلك، فهي تعرض مشكلات وتوفر مواد وأدوات تعليمية ووسائل وتطلب من التلاميذ ومن المعلمين معًا السعي في إطار متعاون لحل المشكلات والبحث والاستقصاء حيث يكتسب المتعلمون المهارات المختلفة، والاتجاهات والخصائص النفسية والاجتماعية المناسبة.

error: النص محمي !!