مصطلح “النقد الأدبي” تأصيل وتقييم
لكن: هل عرف العرب مصطلح النقد الأدبي في العصر الجاهلي مثلًا، أم عرفوا هذا المصطلح في وقت متأخر؟ وهل مارس العرب القدماء في العصر الجاهلي عملية النقد الأدبي؟ فهل كان منهم من ينظر في النصوص ويحكم عليها؟ وكيف انتقل المعنى اللغوي لكلمة النقد، وتطور وأصبح مصطلحًا هو النقد الأدبي؟
والمؤرخون لعلم النقد الأدبي يعترفون بأن الجاهليين كانوا ينظرون في أشعار بعضهم البعض، وأحيانًا يطلقون بعض الأحكام ويقولون: إن كلمة النقد موجودة في لغة العرب، لكنهم يقولون: إن هذا المصطلح لم يرد في كلامهم، فلم يقولوا: النقد الأدبي، ولم يضيفوا كلمة النقد إلى الأدب أو إلى الشعر، فيقولون: نقد الشعر أو نقد الأدب؛ إلا في القرن الثاني من الهجرة تقريبًا، حيث استعمل النقد في تمييز الأشعار الصحيحة من المختلطة، ولا يستطيع أن ينهض بمهمة النقد هذه إلا عالم بلغات العرب وأشعارها، ومذاهب الشعراء ومعانيهم.
وقد جاء هذا الاستعمال مقصورًا على طائفة قليلة منهم، كالمفضل الضبي المتوفى سنة مائة وثمان وستين من الهجرة، وهو يتحدث عن راوٍ من الرواة اسمه حماد الراوية، فيقول المفضل الضبي عنه: “قد سُلِّط على الشعر من حماد الراوية ما أفسده، فلا يصلح أبدًا! فقيل له: وكيف ذلك؟ أيخطئ في روايته أم يلحن؟ فقال: ليته كان كذلك، فإن أهل العلم يردّون من أخطأ إلى الصواب، ولكنه رجل عالم بلغات العرب وأشعارها، ومذاهب الشعراء ومعانيهم، فلا يزال يقول الشعر يشبه مذهب رجل، ويدخله في شعره، ويحمل ذلك عنه في الآفاق، فتختلط أشعار القدماء، ولا يتميز الصحيح منها إلا عند عالم ناقد، وأين ذلك؟!”.
والشاهد في هذا النص هو قوله: “ولا يتميز الصحيح منها إلا عند عالم ناقد”. فهذا الرجل المفضل الضبي -وهو أحد علماء اللغة ونقّاد الشعر ورواته- يتحدث عن مشكلة في الشعر العربي، وهي: اختلاط أشعار بعض الشعراء بأشعار بعضهم الآخر، فهو يتحدث عما يسمى في تاريخ الشعر العربي القديم بالانتحال، وهو: أن يدخل شعر رجل في شعر رجل غيره، وهو يتحدث في هذه المسألة عن راوٍ من الرواة، يذكر أنه أدخل على الشعر كثيرًا من الفساد؛ بسبب قدرته على أن يقول شعرًا من عنده يشبه أشعار آخرين، وينسب هذا الشعر له.
ويرى المفضل أنه ينتج عن هذا أن الأشعار تختلط، ولا يستطيع التمييز والفحص والتثبت، وإسناد هذا الشعر إلى صاحبه الحقيقي إلا عالمٌ ناقد. فنحن هنا أمام مصطلح ناقد أدبي ينقد للشعر، ويميز صحيحه من مختلطه، ويعرف مذاهب الشعراء، ويعرف عيوب الكلام ومحاسنه؛ فالعالم الناقد هنا هو الناقد الأدبي.
وروى أبو عبيدة عن أبي الخطاب الأخفش، قال أبو الخطاب: “وكان أعلم الناس بالشعر، وأنقدهم له”، فإضافة العلم إلى الشعر، والنقد إلى الشعر في هذا النص يدل على أنهم عرفوا هذا المصطلح، وهو مصطلح النقد الأدبي.
وفي القرن الثالث من الهجرة استُعمل النقد مضافًا إلى الشعر، أكثر من إضافته إلى النثر أيضًا، وذلك بمعنى تمييز جيده من رديئه، والعلماء والمؤرخون لهذا الفن أو لهذا العلم أن الشاعر البحتري المتوفى سنة مائتين وأربع وثمانين من الهجرة كان من الأوائل الذين أشاعوا مصطلح نقد الشعر، وإجراءه في الكلام، وكذلك ابن الرومي، المتوفى سنة مائتين وثلاث وثمانين من الهجرة.
فمما ورد عن واحد من أصحاب البحتري يقول: “رآني البحتري ومعي دفتر شعر، فقال: ما هذا؟ فقلت: شعر الشنفرى. فقال: وإلى أين تمضي؟ فقلت: إلى أبي العباس أقرأه عليه، فقال -أي البحتري-: قد رأيت أبا عباسكم هذا منذ أيام عند ابن ثَوَابَةَ، فما رأيته ناقدًا للشعر ولا مميزًا للألفاظ، ورأيته يستجيد شيئًا وينشده، وما هو بأفضل الشعر، فقلت له: أما نقده وتمييزه فهذه صناعة أخرى، ولكنه أعرف الناس بإعرابه وغريبه”.
ونلاحظ في هذا النص أنه ورد في كلام البحتري: “فما رأيته ناقدًا للشعر ولا مميزًا للألفاظ، ورأيته يستجيد شيئًا وينشده، وما هو بأفضل الشعر”.
فالبحتري ينفي صفة الناقد عن أبي العباس، وهذا دليل على وعيه بمصطلح النقد الأدبي، فيذكره بلفظه: “فما رأيته ناقدًا للشعر”، ويبين وظيفة الناقد في قوله: “ولا مميزًا للألفاظ”، ويبين شيئًا من عمل الناقد في قوله: “ورأيته يستجيد شيئًا وينشده، وما هو بأفضل الشعر”.
إذًا: أبو العباس في رأي البحتري ليس ناقدًا كبيرًا ولا مميّزًا للشعر، وإنما هو يستجيد بعض الأشعار وينشدها، وإن كانت غير جيدة.
وفي هذا النص صراحة ذكرٌ لمصطلح النقد مضافًا إلى الشعر، وفيه أيضًا وصفٌ لبعض ما يقوم به الناقد.
وورد أيضًا عن محمد بن يوسف الحمادي قال: “حضرت مجلس عبيد الله بن طاهر وقد حضره البحتري، فقال: يا أبا عبادة، مسلم أشعر أم أبو نواس؟ فقال: بل أبو نواس؛ لأنه يتصرف في كل طريق، ويتنوع في كل مذهب، إن شاء جدّ، وإن شاء هزل، ومسلم يلزم طريقًا واحدًا لا يتعداه، ويتحقق بمذهب لا يتخطاه. فقال له عبيد الله: إن أحمد بن يحيى ثعلبًا لا يوافقك على هذا. فقال: أيها الأمير، ليس هذا من علم ثعلب وأضرابه ممن يحفظ الشعر ولا يقوله، فإنما يعرف الشعر من دفع إلى مضايقه.
فقال: وريت بك زنادي يا أبا عبادة، إن حكمك في عميك أبي نواس ومسلم وافق حكم أبي نواس في عميه جرير والفرزدق، فإنه سئل عنهما ففضل جريرًا، فقيل له: إن أبا عبيدة لا يوافقك على هذا، فقال: ليس هذا من علم أبي عبيدة، فإنما يعرفه من دفع إلى مضايق الشعر”.
ونجد في هذا النص حوارًا حول عملية النقد الأدبي، والحكم على منزلة شاعر من الشعراء، والموازنة بين هذه المنزلة ومنزلة شاعر آخر، والمسئول في هذه المسألة هو الشاعر البحتري، حيث كان مطلوبًا منه أن يصدر حكمًا يفضّل فيه واحدًا من اثنين على صاحبه: مسلم بن الوليد وأبي نواس، ووجدنا البحتري قدم أبا نواس وفضله، وبيّن علة تقديمه له وتفضيله إياه.
ونجد في هذا النص أيضًا أن البحتري ليس وحده هو الذي كان يحكم على الشعراء، وإنما يذكر النص أن أبا نواس أيضًا حكم لجرير على الفرزدق وفضله عليه، وقيل له: “إن أبا عبيدة -وأبو عبيدة عالم لغة وراوٍ للشعر- لا يوافقك على هذا، فقال: ليس هذا من علم أبي عبيدة، فإنما يعرفه -أي: يعلم الشعر وينقده- من دفع إلى مضايق الشعر”.
فرأي أبي نواس مطابق لرأي البحتري، وكلاهما يرى أن الرواة وعلماء اللغة الذين لا يبدعون الشعر لا يستحقون أن يكونوا نقادًا للشعر، وإنما الذي يستطيع نقد الشعر هم الشعراء، الذين دفعوا إلى مضايق الشعر وإلى طُرُقه ومذاهبه وأبدعوه.
فنحن أمام أحكام؛ أحكام في بعضها تعليل، وأمام من يرى أن الشعر ونقده فن قائم بذاته، ينبغي ألّا يلجه إلا الشعراء القادرون على فهم طبيعة الشعر، وبيان محاسنه وعيوبه، ومعرفة منزلة الشعراء.
وهذا الاستعمال -استعمال مصطلح النقد الأدبي أو نقد الشعر- لم يرد في كتب النقد الأولى، فابن سلام المتوفى سنة مائتين وإحدى وثلاثين من الهجرة لم يذكر هذا المصطلح في كتابه (طبقات الشعراء)، وابن قتيبة المتوفى سنة مائتين وست وسبعين من الهجرة لم يذكر مصطلح النقد الأدبي أو نقد الشعر في كتابه (الشعر والشعراء)، وكذلك ابن المعتز المتوفى سنة مائتين وست وتسعين من الهجرة لم يذكر هذا المصطلح في كتابه (البديع).
ولكن قدامة بن جعفر المتوفى سنة ثلاثمائة وسبع وثلاثين من الهجرة -اتخذ مصطلح النقد الأدبي عنوانًا لكتابين؛ كتاب سماه (نقد الشعر)، وكتاب سماه (نقد النثر)، وهذا الأخير فيه كلام حول نسبته إليه، لكن نحن أمام استخدام المصطلح استخدامًا واضحًا في التأليف عند قدامة بن جعفر، على الأقل في كتابه المعروف بنقد الشعر. ثم بعد ذلك جرى هذا المصطلح على ألسنة الشعراء، والأدباء.
وكل هذه الاستعمالات أضافت إلى المعنى اللغوي معاني جديدة، ترتفع به عن نقد الدراهم والدنانير، وتنتقل به من الحسي إلى المعنوي، فالناقد الأدبي في عرف الشعراء والأدباء والنقاد صيرف من نوع خاص، يفهم دقائق اللغة، ويعرف أسرارها، ويميز بموهبته وذائقته وثقافته جيد الشعر، بل جيد الكلام في الشعر وفي النثر من رديئه، وأصبح معروفًا عند الشعراء وعند الأدباء؛ أن الذين يحكمون على الشعراء ويفاضلون بينهم، والذين يفسرون الكلام، ويبينون ما فيه من محاسن وعيوب هم النقاد، وأن هؤلاء النقاد متميزون عن غيرهم من الناس؛ لأنهم وسطاء بين الأدباء المبدعين، وعامة الجمهور الذي يتلقى هذا الإبداع منه.
ومن هنا وجدنا بعض الشعراء يذكرون نقد الكلام، ويبينون أنه لا يستطيعه أي أحد، وأنه أصعب من مهمة الصيرفي الذي يميز بين الجيد من الدراهم والدنانير، والمزيف منها؛ فهذا الشاعر يقول لمن يخاطبه:
يا أبا جعفر تحكم في الشعر | * | وما فيك آلة الحكام |
إن نقد الدينار إلا على الصيرف | * | صعب، فكيف نقد الكلام؟! |
قد رأيناك تفرق في الأشعار | * | بين الأرواح والأجسام |
وينكر على أبي جعفر هذا تحكمه في الشعر، وتصديه للحكم فيه، فليس عنده ما يؤهله لذلك، ويبين له أن نقد الدينار والدرهم على الصيرف صعب، وأن نقد الكلام وبيان محاسنه وعيوبه، وفهم أسراره ومراميه، والحكم عليه بالجودة والرداءة، هذا عمل أصعب من نقد الدنانير والدراهم، وبيان صحيحها من زائفها.
ومن ذلك الباب أيضًا قول ابن الرومي:
قلتُ لمن قال لي: عرضتُ على الأخـ | * | ـفَشِ مَا قُلتَه فَمَا حَمِدهْ |
قَصرتَ بالشعر حين تَعرِضُهُ | * | على مُبينِ العمَى إذا انتَقَدَهْ |
مَا قَالَ شعرًا، ولا رواهُ فلا | * | ثَعْلَبَهُ كان ولا أَسَدَهْ |
فإن يَقُل: إنّني رويتُ فكالدَّفـ | * | ـترِ جهلًا بكلّ ما اعتَقَدهْ |
فابن الرومي هنا أيضًا ينفي عن ثعلب صفة النقد، ويقول: إنه لا يستطيع أن يميز بين الجيد من الكلام ورديئه؛ لأن راويه مثل الدفتر الذي يحفظ، أو الذي يضم الأشعار ويجهل ما فيه.
فالشعراء كابن الرومي والبحتري يضنُّون بصفة النقد الأدبي على الرواة، وعلى علماء اللغة، ويذهبون إلى أن هؤلاء الرواة وهؤلاء العلماء لا يستطيعون نقد الكلام، وليس لهم بصر بالشعر؛ لأنهم لا يقولون الشعر.
وشاعر آخر يقول:
رب شعر نقدته مثلما ينـ | * | ـقد رأس الصيارف الدينار |
ثم أرسلته فكانت معانيـ | * | ـه وألفاظه معًا أبكارا |
لو تأتى لقالة الشعر ما أسقـ | * | ـط منه حلوا به الأشعار |
إن خير الكلام ما يستعير النا | * | س منه، ولم يكن مستعارا |
ونقف في هذه الأبيات عند قوله:
رب شعر نقدته مثلما ينـ | * | ـقد رأس الصيارف الدينار |
فهذا الشاعر يفتخر بقدرته على نقد الشعر، وتمييز جيده من رديئه، وأنه عندما يقول شعرًا فإنه يعيد النظر فيه وينقده، كما يفعل الصيرفي المدرب الماهر في الدنانير والدراهم؛ ليعرف جيدها من رديئها، فهو شاعر وناقد يمارس الشعر وينقده.
وهناك أبيات أخرى قالها مطيع بن إياس يهجو حماد عجرد، فيقول:
أيها الشاعر الذي | * | عاب يحيى ومنقذا |
أنت لو كنت شاعرًا | * | لم تقل فيهما كذا |
لست والله فاعلمن | * | لذا النقد جهبذا |
يقول: إنك عندما نقدت فلانًا وفلانًا وعبتهما جانبك الصواب؛ لأنك لو كنت شاعرًا حقًّا لما قلت فيهما هذا، ويذكر له أنه ليس مؤهلًا للنقد ولا قادرًا عليه، وهذا شبيه برأي البحتري، ورأي ابن الرومي في أنهما، وغيرهما من الشعراء يرون أن نقد الشعر ينبغي ألا يقوم به إلا شاعر، لكن رأينا في هذه النصوص التي أوردناها أنهم عرفوا مصطلح نقد الشعر ونقد الأدب، وعرفوا كيف يتم هذا العمل من قراءة النص الأدبي أو الاستماع الجيد له، والبصر بأسرار الكلام، والقدرة على التفتيش في النص، ومعرفة الجيد من الرديء من الأدب، والحكم على الشعراء، وتفضيل بعضهم على بعض.
إذًا: نستطيع أن نقول: إن المعنى اللغوي لكلمة النقد كما ورد في معاجم اللغة، ودلت عليه الشواهد، واستعمله العرب القدماء في معناه اللغوي الذي يدور حول مناقشة الآراء، ونقد الدراهم والدنانير، والبحث عن العيوب وإذاعتها؛ لكنّ الجاهليين لم يعرفوا مصطلح النقد الأدبي، ولم يضيفوا كلمة النقد إلى الشعر ولا إلى الأدب، وأن القرن الثاني عرف استخدام كلمة النقد مضافة إلى الأدب وإلى الشعر، واستخدم مصطلح النقد الأدبي أو نقد الشعر على ألسنة بعض الشعراء.
لكن كتب النقد التي أُلِّفت في القرن الثالث، والتي تعد طليعة التأليف في هذا الفن أو في هذا العلم لم يرد فيها مصطلح نقد الشعر أو نقد الأدب، وإنما في القرن الرابع ظهر هذا المصطلح في مؤلفات النقد التي اهتمت بدراسة الشعر، وبيان منازل الشعراء، وبيان العيوب والمحاسن، فاستخدم هؤلاء المؤلفون في كتبهم مصطلح نقد الشعر، ومصطلح نقد النثر أيضًا، وذلك في المؤلفات النقدية.
وقد ذاع استخدامه، وتأكّد بفضل طائفة من العلماء النقاد؛ كأبي بكر الصعودي المتوفى سنة ثلاثمائة وخمس وثلاثين في كتابه (أخبار أبي تمام)، والآمدي المتوفى سنة ثلاثمائة وسبعين في كتابه (الموازنة بين أبي تمام والبحتري)، وعلي الجرجاني المتوفى سنة ثلاثمائة واثنتين وتسعين في كتابه (الوساطة بين المتنبي وخصومه)، واستخدمه قدامة بن جعفر عنوانًا لكتابه (نقد الشعر)، وورد أيضًا هذا المصطلح عنوانًا لكتاب (نقد النثر) الذي نُسب إليه.
ثم يتأكد هذا المصطلح ويترسّخ في القرن الخامس الهجري؛ بفضل طائفة من النقاد أمثال: عبد القاهر الجرجاني المتوفى سنة أربعمائة وإحدى وسبعين من الهجرة، والمرزوقي المتوفى سنة أربعمائة وإحدى وعشرين، وابن رشيق المتوفى سنة أربعمائة وثلاث وستين.
ومن الجدير بالذكر أن ابن رشيق استخدم مصطلح نقد الشعر، أو نقد الأدب في عنوان كتابه المشهور، والذي أسماه: (العمدة في صناعة الشعر ونقده).
واستمر هذا المصطلح متداولًا، متطورًا، ناميًا، وأصبح النقد الأدبي فنًّا متشعبًا ومتسعًا حتى وصلَنا إلى العصر الحديث، فتشعبت فنون النقد تبعًا لتشعب الأدب، فأصبح عندنا: نقد الشعر، ونقد الرواية، ونقد القصة، ونقد المقال، وهكذا.