معايير تقويم الكتاب المدرسي
نبدأ بالمعايير التي يقيم المعلم في ضوئها الكتاب المدرسي، وانطلاقا من عنوان الدرس وهو معايير تقويم المعلم للجوانب المختلفة من العملية التعليمية، فالكتاب المدرسي يعد من أهم مكونات العملية التعليمية إذ إنه الوعاء والأداة المثلى والوسيلة الوحيدة التي يمتلكها المتعلم، فقد يفقد المعلم حضور بعض الحصص لظروف ألمت به أو لاعتبارات خاصة، لكن الكتاب المدرسي والكتاب التعليمي المقرر يظل معه طوال الفصل أو طوال العام الدراسي، وكما قيل فالكتاب خير جليس، غير أننا عندما نتحدث عن الكتاب الدارسي أو الكتاب المدرسي، فإننا نتحدث عن منظومة متكاملة من المعايير والمبادئ الخبرات التي تحكم هذا الكتاب، والتي يمكن في ضوئها تقييم هذا الكتاب فيما بعد.
الكتاب بمكوناته وطباعته، ومحتواه، وإخراجه وألوانه، وكافة العناصر الأخرى التي يشتمل عليها يمكن أن يكون محددا رئيسا لإنجاز وتعلم الطالب، وكذلك لتحقيق المؤسسة التعليمية لأهدافها المرجوة، وحتى يتمكن المعلم من تقييم الكتاب المدرسي بطريقة صحيحة وسليمة عليه أولا: أن يقوم بتحليل محتوى الكتاب حتى يتمكن من تقييم الكتاب بموضوعية وعلمية ومنهجية سديدة، وعلينا أن نشير في البداية إلى أن المعلم هو حلقة الوصل بين المؤسسة التعليمية والإدارة التعليمية وبين الطلاب فإن له عينا عليا، وله يدا طولى؛ لأنه أكثر خبرة من الطلاب، فهو أكبر منهم سنا وخبرة وعلما ودراية، كما أنه الأقرب احتكاكا للمنهج الدراسي، وهو الذي يقوم بتحضير الدرس وإعداده، وطلب الوسائل التعليمية المناسبة له فقد يكون القائمين على التعليم يهتمون بالأمور الإدارية العليا لكن عناصر الكتاب ومفرداته، وإعداده وطباعته، وإخراج أمور يمكن كلها للمعلم وحده أن يكون هو المتمكن من تقويمه، ومن تقييمه ومن إعداد تقرير تفصيلي شامل عنه بما يرشد القائمين على العملية التعليمية بعد ذلك من تحديد مدى أهمية الكتاب، وبقائه واستمراريته أو تطويره أو إلغائه أو إعادة تأليفه مرة أخرى أو غير ذلك من القرارات التي تتخذ وفق إجراءات تقويمية يقوم بها المعلم.
ولذلك حتى تمكن المعلم من تقييم الكتاب المدرسي بطريقة صحيحة، فعليه أن يقوم بعدة خطوات أولى هذه الخطوات قراءة الكتاب قراءة متفحصة وعميقة عدة مرات، الأمر الثاني تحديد الأهداف العامة للكتاب، وكذلك معرفة مدى مناسبة هذه الأهداف للأهداف التي وضعتها المؤسسة التعليمية لنفسها مسبقا، كذلك فحص محتوى الكتاب والموضوعات التي يتضمنها الكتاب، ومدى السلامة اللغوية للكتاب وطريقة كتابته وسطوره وأحرفه وكلماته، ومدى الترابط بين الأفكار التي تناولها الكتاب ومدى التعبير هذه الأفكار عن المحتوى بدقة وفاعلية.
وأيضًا مدى تناسب المحتوى مع الأهداف التعليمية المحددة للمادة العلمية، وتصميم الكتاب من الداخل من حيث التباعد بين الأسطر وحجم الكلمات، ونوع الفنط المستخدم للكتابة، وكذلك الصور المعبرة عن الموضوعات، ومدى اشتمال الكتاب على الأمثلة والتشبيهات والشروح والتعليقات، والأسئلة، ومدى كفاية المحتوى لجوانب التعلم التي تشملها الموضوعات الدارجة والواردة بالكتاب، وكذلك تصميم الكتاب من الخارج من حيث الغلاف، والألوان والصور والأشكال المعبرة عنه.
وأيضًا من حيث مدى تنوع أساليب عرض المحتوى، واستراتيجيات تقديم المعلومات داخل الكتاب، ومدى تناسب الكتاب مع خصائص التلاميذ أو المتعلمين، ، وفئاتهم العمرية وخصائصهم الوجدانية والاجتماعية والنفسية، وخصائص النمو الأخرى يبقى أيضًا اعتبار مدى مناسبة هذا الكتاب للتعلم الذاتي النشط بحيث هل أن هذا الكتاب يمكن أن يتيح للمتعلم فرصة التعلم الذاتي وفقا لخطوه الذاتي، وقدراته الفردية على التعلم وحده، فينبغي في الكتاب السديد، وينبغي في الكتاب المطور أن يسمح، ويمكن المتعلم من التعلم بطريقة ذاتية، وهذا له أسس ومبادئ بحيث يمكن للمتعلم أن يسير وحده في دراسة هذا الكتاب دون مساعدة من أحد شريطة أن يتم تصميم، وإعداد محتوى هذا الكتاب وفق مبادئ وطرق وأساليب التعلم الذاتي.
وهناك عدة وسائل للمعلم يستخدمها للتقويم من هذه الوسائل بطاقة التقييم الذاتي للمعلم وهذه البطاقة عبارة عن نموذج أعد إعدادًا معينا يشتمل على معايير ودرجات لهذه المعايير وهذه البطاقات أي: بطاقات التقييم الذاتي تحتوي على عناصر شخصية، وصفات شخصية وجسمية للمعلم، فيمكن للطالب أن يقيم معلمه أو أن يعد تقريرًا حول الصفات، وخصائص هذا المعلم.
من أهم هذه الخصائص المظهر العام، والاتزان الانفعالي، والتوافق الاجتماعي، وحسن التعامل والتعاون والمواظبة والالتزام بمواعيد العمل، ونتائج الامتحانات تأخذ عدة أوجه سواء الامتحانات العامة أو الامتحانات المدرسية للصفوف أو أي امتحان يضعه الموجه أو المدير ليقف ويتحقق بنفسه ممن مستوى الطلاب في المادة أو الصف الذي يقوم فيها المعلم بالتدريس كذلك أيضًا من أساليب تقييم المعلم بخلاف بطاقة التقييم الذاتي التي سبقت الإشارة إليها وبخلاف نتائج الامتحانات رأي المعلمين الأخرين في المعلم أي: إنه يتم أخذ رأي الزملاء أو مجموعة المعلمين كل منهم يؤخذ رأيه في زميله، ويعد هذا من قبل التقويم الأقران أي كل منهم يقوم زميله وتقوم هذه الطريقة على مقارنة أداء المعلم بأداء باقي زملائه من المعلمين وقد تقوم على أساس استفتاء يوجه فيه أسئلة للمعلمين لإبداء الرأي في زميلهم، وليس في ذلك ريب أو نفاق، وليس في ذلك أيضًا نوع من الإفساد بل هو بغرض التقييم البناء.
وقد تدور هذه الأسئلة حول شخصيته وعلاقته بهم ومدى تعاونه وانكماشه عن المجموعة وأدائه داخل الفصل الدراسي، ومدى أو ما يقوله عنه طلابه لباقي المعلمين بالمؤسسة التعليمية كذلك للطلاب أيضًا رأي في المعلم، وهذا هو الأسلوب المناسب والأمثل في عصرنا الحالي؛ لأن الطلاب هم أكثر الناس احتكاكًا بالمعلم، وبذلك يوجه المقيم أسئلة للطلاب يذكر لهم فيها مثلا من تحبون من المعلمين أكثر، ولماذا؟ وأيهم تحبون أقل ولماذا؟ من هو أقدر المعلمين على الشرح ولماذا ما هي أفضل وسيلة استخدمها معلم؟ من هو أكثر المعلمين استخداما للوسائل التعليمية؟ من أكثر المعلمين تلبية لاحتياجاتكم؟ وما إلى ذلك من أنواع الأسئلة التي تجعل الطلاب يستدعون العديد من الاستجابات بدون حرج أو خجل.
ومدير المدرسة أيضًا يمكن أن يقوم بتقييم المعلم، فهناك وجهة نظر الأولى تؤيد أن يقوم مدير المدرسة بعملية التقويم والتوجيه، وهناك وجهة نظر أخرى تعترض على ذلك فمن مميزات قيام المدير بتقييم أداء المعلم أن المدير دائم الاحتكاك مع المعلمين، ولذلك فهو أكثر دراية بهم وبأموره من ناحية الأداء العملي والتعليمي، كما أن المدير يعطي فرصة أكبر وأشمل عن المعلمين كما أن زيارة المدير، وتواجده الدائم في المؤسسة التعليمية وزيارته للفصول الدراسية للوقوف على مستوى الأداء يعطيه صورة أكبر وأكثر كفاءة عن كل معلم كما أن المدير أقرب للمعلم من الموجه، وذلك بسبب وجوده دائما في المدرسة أو المؤسسة التعليمية، كما أن المدير يكون أكثر اطلاعات على النشاطات الصفية والنشاطات اللا صفية للمعلم كما أن هناك عيوب أخرى لقيام المدير بتقييم أداء المعلم من هذه العيوب تدخل العامل الشخصي الذي يبعد عملية تقييم المدير للمعلم عن الموضوعية والحيادية.
أيضًا كثرة الأعمال الإدارية قد يؤدي إلى أن يهمل المدير التقييم والتوجيه للمعلمين، أيضًا فإن أهمية الأعمال الإدارية التي يقوم بها المدير لتهيئة الجو الدراسي الصالح في المدرسة يجعله كثير الانشغال عن القيام بعملية التوجيه للمعلمين كذلك عدم تخصص المدير في بعض المواد الدراسية فهو لا يفهم محتواها، ولا يعرف الأمور التفصيلية الخاصة بها يجعل المدير ذات جهالة نسبية بهذه المواد، فلا يستطيع أن يقيم أداء أو شرح المعلم.
كما أن هناك توجه وتقييم للمعلم من قبل الموجهين، ويعد الموجه هو الشخص الأكثر كفاءة وارتباط توجيه المعلم في إذ إنه يأتي زائرا للمدرسة أو المؤسسة التعليمية، وذلك كل فترة من الفترات سواء كان أسبوعيًّا أم شهريًّا أم بضع مرات في الفصل الدراسي، وكذلك العام الدراسي ولأن تقويمه أو تقييمه يكون أكثر موضوعية للمعلم؛ لأن الموجه يكون من خارج المدرسة ولا يدخل في التقييم هنا الاعتبارات الشخصية، كما أن الموجه ذات تفرغ تام وكامل لعملية التوجيه.
خصائص القائمين على عملية التقييم:
بعد أن استعرضنا وسائل تقييم المعلم نتناول الآن خصائص القائمين على عملية التقييم، لا بد أن تتوفر صفات وخصائص في الشخص الذي يقوم على عملية التقييم والتوجيه التربوي لما تتصف به هذه العملية من صعوبة ودقة، ولما يتوقف عليها من قرارات بالغة الأهمية تشكل مستقبل المؤسسة التعليمية، وكافة العاملين بها، وتشكل في النهاية تحقيق الدولة لأهدافها الطموحة في إعداد المواطن والفرد الصالح، فأطفال اليوم هم رجال الغد وهكذا، وكما يقول الله عز وجل : {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140] لذلك فإن المتعلم اليوم إذا أهمل في إعداده، وإذا أهمل في تقييمه قد ينشأ بعد ذلك نشأ لا يتناسب مع تحقيق أهداف الدولة والمؤسسات التعليمية بها؛ لذلك فإن هناك خصائص على القائمين على عملية التقييم لأن التقييم إذا تم بناء عن خصائص جيدة وصفات رشيدة وحميدة، فإنه يؤدي إلى تحقيق النتائج المستهدفة من عملية التقييم، وبالتالي يؤيد إلى الإصلاح والتطوير وإذا ما تم هذا التقييم من أشخاص لا تتوافر فيهم مهارات ولا مبادئ، ولا صفات المقومين أو المقيمين، فإن التقييم يكون عملية مضللة لا تحقق نتائجها، وبالتالي يبقى الوضع كما هو دون أي تطوير ما.
ولذلك فإن التقييم من وجهة النظر التربوية مسئولية أكاديمية، ومن وجهة النظر الدينية مسئولية أخلاقية والتزام ديني على مستوى عالٍ من الأهمية؛ ولذا فإن من هذه الصفات التي ينبغي أن تتوفر في القائمين على عملية التقييم خاصية الرغبة والاستعداد، فكلما كان الموجه أو المدير أو القائم بالتقييم يمتاز بحماس للعمل التوجيهي والتقييم والابتكار والإبداع نحو الأساليب الجديدة للتوجيه، فإن ذلك ينعكس بالضرورة على المعلمين الذين يقوموا بإرشادهم وتوجيههم.
وكلما كان أقل في الرغبة والاستعداد والحماس كلما أدى ذلك إلى انعدام الهدف من عملية التقييم، والخاصية الثانية هي الإبداع والمرونة، فعلى الموجه أو المقيم أن يتصف بالإبداع في أساليبه وطرقه للتقييم حتى يخلق المناخ الذي يدفع إلى الابتكار والتجديد والتعاون معه، ومن ذلك من أجل التطوير، ومن أجل علاج الأخطاء والتغلب على الصعوبات وحل المشكلات و وتلافي المعوقات.
العلاقات الإنسانية لا بد أن يكون من خصائص هذا التقييم قدر كبير من المرونة الاجتماعية، والعلاقات الإنسانية وذلك يشجعه على كسب ثقة المعلمين وحبهم، وينتج عن ذلك بالضرورة التعاون المشترك بينهم وعليه أن يترك أثرًا طيبًا، وانطباعات إيجابية لدى المعلم الذي يقوم بتقييمه كذلك من خصائص المقيم الجيد الواقعية، والرؤية الكاملة حتى يتمكن من تحسين الاتجاهات والمهارات في التفكير وأداء المعلمين كما يتمكن من إصدار الحكم الواقعي والموضوعي على أدائهم كذلك من خصائصه إجادة المادة العلمية، ففاقد الشيء لا يعطيه، وكيف بي أن أقيم إنسان أو معلم أو طالب في مادة أو تخصص دراسي، وأنا أجهل أبجديات هذا التخصص أو هذا المنهج أو تلك المادة فينبغي على المقيم أن يكون على دراية، وتمكن كامل بهذه المادة التي يقوم بالتوجيه والتقييم فيها وكذلك يعرف خصائص المرحلة الدراسية، وأن يلم بجميع عناصرها، ومشكلاتها ويتمتع بثقافة واسعة في إطار هذه المادة، وأساليب التقييم المناسبة لها.
كما أن من خصائص المقيم أيضًا القدرة على تعديل السلوك، فليس الهدف من عملية التقييم أن أواجه المعلم بعيوبه وأخطائه وسلبياته، ثم أترك له الأمر والساحة وأنصرف عنه دون أن أرشده إلى كيفية تعديل هذا السلوك، وللتغلب على هذه العقبات والمعوقات بل ينبغي على القائم بعملية التقييم أن يعيد تأهيل المعلمين التابعين له، وأن يقوم بتعديل السلوك الخاطئ، ويرشد على كيفية علاجه والتغلب عليه، وعدم تكرار حدوثه، وكذلك إرشاده للتغلب على هذه السلوكيات السلبية وغير الإيجابية.