Top
Image Alt

معرفة الأحكام الشرعية للعمليات

  /  معرفة الأحكام الشرعية للعمليات

معرفة الأحكام الشرعية للعمليات

مما هو معلوم أن الله -تبارك وتعالى- خلق الإنسان في أحسن تقويم، ونهاه عن تغيير شكله إلا لضرورة أو حاجة، وعند الضرورة أو الحاجة يجوز ذلك على قدر الضرورة والحاجة فقط؛ لذلك حرم الإسلام بعض أشكال الزينة، كالوصل -الواصلة، والمستوصلة- والوشم، والوشر وتفليج الأسنان، والنمص وإزالة شعر الحاجبين، وغير ذلك؛ لما فيها من الخروج على الفطرة والتغيير لخلق الله تعالى، والتدليس على خلق الله والإيهام وغير ذلك؛ فالحكم الشرعي لهذه العمليات إجمالًا هو:

  1. جواز العمليات الجراحية التجميلية العلاجية التي سبق بيان أنواعٍ كثيرة منها كالشفة الأرنبية، مثلًا: للضرورة، أو الحاجة هذه جائزة.
  2. تحريم العمليات الجراحية المغيرة للشكل السليم، والخلقة الربانية السوية، وهي النوع الثالث الذي يحول شكله إلى حيوان، أو يضع أنيابا من أنياب السباع ونحو ذلك.
  3. تحريم التحسين الذي يدلس، ويوهم، كالواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والمتنمصة والنامصة، والفلج، والوشر، والقشر كل هذا تحسين محرم.
  4. جواز التحسين الذي يلائم الفطرة والخلقة الربانية، كإزالة العيوب وشعر المرأة في الوجه، وبين الحاجبين، وزرع الشعر للأقرع والأصلع، وهكذا إذًا الحكم الشرعي يدور بين ثلاثة أنواع، أنواع جائزة وهي الجراحات العلاجية للضرورة والحاجة، وأنواع جائزة للتحسين الذي يلائم الفطرة كالأصلع والأقرع يزرع الشعر، هذان نوعان جائزان؛ نوع علاجي، ونوع تحسيني، ثم نوعان محرمان الجراحات المغيرة للشكل السليم، والخلقة الربانية، وجراحات التحسين التي تؤدي إلى تدليس، وإيهام كوصل الشعر، والنمص، ونحو ذلك.

ونبين ذلك تفصيلًا فيما يلي:

اتفق الفقهاء على تحريم وصل الشعر بالجملة؛ لورود اللعن على ذلك واتفق الفقهاء على تحريم الوشم أيضًا لعموم نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولعن من يفعل ذلك.

اختلف الفقهاء في وصل شعر المرأة بالخيوط، وليس الشعر: ((لعن الله الواصلة والمستوصلة)) هذا بالشعر، إنما وصل الشعر بالضفيرة بالخيوط الصوفية والحريرية اختلف الفقهاء في جواز ذلك.

واتفق الفقهاء على تحريم حلق شعر المرأة لغير ضرورة لما فيه من المثلة -أي: الإهانة- والتشبه بالرجال وتغيير خلق الله، وأجمع العلماء على كراهة القذع، وهو عبارة عن قص شعر جزء من الرأس، وترك جزء آخر دون قص، سواء كان ذلك للرجل، أو المرأة إلا إذا كان القص على قدر الجرح للعلاج والمداواة.

أيضًا اتفق الفقهاء على تحريم النمص وهو عبارة عن إزالة شعر الحاجبين بالجملة؛ لعموم الأدلة في النهي عن ذلك، ولعن فاعليه، أما إزالة ما بين الحاجبين لكثافته، واتصاله فلا بأس، أيضًا أجاز الفقهاء للزوج، بل قالوا باستحباب ذلك، ومثله -أي: مثل: شعر الحاجبين- سائر الشعر الوجه، ومن خلال الأحكام السابقة يتبين حكم جراحات التجميل للشعر بالإزالة، أو الزرع، أو التهذيب؛ فهي مقيدة بالحاجة، والضرورة، وبالشروط والضوابط الآتية:

  1. ألا يكون فيها تدليسٌ وغشٌّ وخداعٌ.
  2. ألا يكون فيها تغيير للخلقة الأصلية.
  3. ألا تستعمل في هذه العمليات مادة نجسة.
  4. ألا تكون هذه العمليات بقصد التشبه بالجنس الآخر.
  5. ألا يكون بقصد التشبه بالكافرين وأهل الفسق والفجور.
  6. ألا يترتب على ذلك ضرر أكبر.

فزرع الشعر للأصلع رجلًا أو امرأة جائز؛ لأنه مناسب لأصل الخلقة، والفطرة، وليس فيه تدليس، ولا تشبه بالآخر كذلك تغيير الشيب في رأس الطفل أو الشاب بعملية لا شيء فيه؛ حيث لا تدليس، والتغيير عود إلى الفطرة، والخلقة الإلهية، وكذلك عمليات إزالة الشعر الكثيف الذي يغطي وجوه الأطفال وأعضاءهم جائز؛ لأنه إصلاح للفطرة ورجوع إلى الأصل، ومثل ذلك إزالة شعر اللحية، والوجه، وما بين الحاجبين للمرأة بعملية جراحية هذا كله جائز، وفي الرجل إزالة اللحية، أو الشارب غير جائز.

اتفق الفقهاء أيضًا: على تحريم عمليات الوسم، والوسم مثل الوشم وهو عبارة عن وضع علامات على الجسم، لكن الوشم بوضع مادة معينة تتحول إلى زرقة تسمى النيلة، لكن الوسم يكون بالكي. الكي على الوجه بعلامة مميزة هذا أيضًا حرام. اتفق الفقهاء على تحريمه؛ لأنه لا حاجة إليه؛ ولأنه تعذيب للإنسان بغير حاجة ولا ضرورة.

أما الكي للعلاج فجائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((آخر الدواء الكي)) أحيانًا لا تعالج بعض الأعضاء إلا بالكي؛ فالكي للعلاج جائز عند جمهور الفقهاء؛ لأنه داخل في جملةِ العلاج والتداوي المأذون فيه.

نقطة أخرى: قشر الوجه، وهو قيام المرأة بعلاج وجهها بطلاءٍ معين يتخذ من الورس نوع من النبات، أو قيام الطبيب لها بذلك بالكيماويات؛ ليسمر الوجه أو يبيض على عكس ما كان، هذا تغيير حرام؛ لما فيه من التدليس ولما فيه من تغيير خلق الله، ولا يدخل في هذا التحريم استعمال أدوية، ومراهم لإزالة النمش، والندبات الموجودة في الوجه، وهي العلامات الصغيرة المبعثرة، هذه العلامات الصغيرة المبعثرة على الوجه لا مانع من إزالتها باستعمال أدوية، ومراهم، وليس بإزالة القشرة كلها؛ لأن ذلك تحسين؛ ورجوع إلى أصل الخلقة على أحسن تقدير.

وبناء على ذلك لا تجوز العمليات الحديثة المعروفة بصنفرة الوجه الصنفرة هي عبارة عن قشر الوجه.

أيضًا اتفق الفقهاء على تحريم تفليج الأسنان ويسمى الوشر، أي: برادتها ليتسع ما بينها؛ فيعطي جمالًا، أو شكلًا مختلفًا، ويسمى الوشر لغير علاج؛ لعموم النهي عن ذلك لما فيه من التدليس والتغيير، أما الوشر، أو الفلج للتداوي، فلا يحرم.

أيضًا مما يحتاج إلى بيان حكم تغيير الثدي عند المرأة بالتكبير والتصغير هذا حرام، ما دام العضو موجودًا، وهكذا فلا داعي، ولا يجوز تغييره بالتكبير والتصغير، لكن إذا أزيل العضو بالسرطان، أو نحوه يجوز زرعه، أو يجوز زرع أو وضع بديل، وينطبق ذلك على تركيب أعضاء صناعية بديلة عن الأعضاء المبتورة، أو المشلولة، أو الضامرة، أو الأسنان المخلوعة؛ فجميع ذلك جائز باتفاق الفقهاء؛ لأنه إصلاح مشروع، ويحقق منفعةً مطلوبةً، وملائمةً للفطرة، وللتقويم الحسن، ومن ذلك أيضًا: وصل عظم الإنسان بعظم حيوان طاهر، وخياطة الجرح بعصب الحيوان الطاهر.

وكذلك الأعضاء الزائدة: جمهور الفقهاء على جواز إزالتها؛ لأنها عيب، ونقص، وتشويهٌ في الخلقة الحسنة الربانية المعهودة، ومن هذا القبيل تجميل الأذن بثقبها، وتعليق الحلق فيها، وهذا جائز عند الجمهور، وما هو من قبيل التداوي، والإصلاح كل ذلك جائز، بلا حرج سواء كان في الأنف، أو غيرها. أما شد التجاعيد؛ فإنه جائز للطفل والشاب؛ لأنه رجوع إلى الأصل، أما في الشيخوخة، فلا يجوز؛ لأنه تغيير لخلق الله تعالى؛ ولأن الأصل في الشيخوخة وجود التجاعيد؛ فلماذا نزيلها؟

أخيرًا: تعديل قوام الجسم بالتسمين، أو التخسيس، كما يفعل بعض الناس يذهب للتسمين، والبعض يذهب للتخسيس إذا كان للتداوي، بمعنى: أن شفط الدهون من السمين يصاحبه أسباب ضارة لا مانع، أو التخسيس فيه إضرار لا بأس من التسمين إن كان للتداوي لا بأس به؛ ما لم يؤدِّ إلى ضرر، وإن كان للتدليس والإعجاب، وتحسين المنظر لا غير لم يجز.

error: النص محمي !!