معنى اللغة في الاصطلاح
الاصطلاح ذاته يعني: إجماع علماء هذا الفن أو هذا الفرع من فروع المعرفة على اصطلاح معين، ولكل علم اصطلاحاته.
اللغة اصطلاحًا: عرفها ابن جني في كتابه (الخصائص) بأنها: “أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم”.
فالأصوات إذا لم تكن معبرة؛ ليست لغة. لو دخلت في سوق ووجدت أصواتًا: “لا لو، عا عو، حا حي”… فإنها أصوات ليست معبرة؛ إنما لو قلت لك: “لا” أو “هل” أو “لم” فهي أصوات ولكنها معبرة؛ عندما أقول لك: هل؛ يعني أستفهم، عندما أقول لك: لا؛ يعني أنفي، عندما أقول لك: لم؛ يعني أنفي… وهكذا.
إذا كان الصوت معبرًا فإنه يدخل في تعريف اللغة؛ أما إذا لم يكن معبرًا فيخرج من تعريف اللغة.
ويعرفها ابن جني بقوله: “اللغة أصوات يعبر بها كل قوم -و”كل قوم”: يعني أن اللغة لا تنشأ إلا في مجتمع يعبر بها، “كل قوم”: يعني في مجتمع من الناس- عن أغراضهم”؛ يعني عن حاجاتهم وعن أفكارهم، وعن مشاعرهم، وعن نقل الأفكار، وعن نقل المعلومات من شخص إلى آخر… إلى آخره.
ولذلك نقول: اللغة ظاهرة اجتماعية؛ لأنها توجد وتنمو داخل المجتمع.
ومن إيحاءات تعريف القدماء نستطيع أن نقول بأن اللغة عبارة عن نظام من رموز صوتية على نسق نحوي متجانس، يستعمله كل قوم في تبادل المشاعر والأفكار، ونقل الأخبار أو الحقائق، وفي التعبير عن أغراضهم ومقاصدهم.
تعريف ابن جني للغة:
أنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم- تعريف شامل وجامع ومانع ومختصر؛ لأن اللغة هي الإيجاز، صحيح أنه عرفها علماء الاجتماع وعرفها علماء المنطق وعرفها علماء الفلسفة تعريفات كثيرة.
ولكن يجمعها تعريف ابن جني:
أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم. وتكلم عن طبيعة اللغة، وطبيعة اللغة أنها أصوات معبرة داخل مجتمع.
فالأصوات هي اللبنات التي تكوِّن الألفاظ، ومن الألفاظ تتكون اللغة، ولا تكون اللغة إلا داخل مجتمع.
فهي ظاهرة اجتماعية تنمو في المجتمع نتيجة اتصال أفراد المجتمع بعضهم ببعض.
فاللغة ظاهرة اجتماعية؛ لأنها لا تنمو إلا داخل مجتمع فهذه طبيعتها؛ إذن فهي ظاهرة اجتماعية.
اللغة منحة عظمى، منحها الله للإنسان وخصه بها، وميزه عن أي كائن آخر؛ لتكون سبيله لمعرفة نفسه أولًا، ثم لمعرفة العالم الكبير حوله.
وهي في جوهرها شكل من أشكال السلوك الاجتماعي نما نتيجة سعي الإنسان وولعه بتحقيق حاجاته ورغباته؛ لأنها لا تنمو إلا داخل مجتمع.
واللغة أيضًا تقوم بدور فعال في حياة الإنسان؛ فلا يستطيع الإنسان الاستغناء عن اللغة؛ فإننا جميعًا نستعمل اللغة دومًا أردنا أو لم نرد، نستعمل اللغة حتى في الحروب.
بل اللغة سلاح فتاك من أسلحة الحروب لا يقلُّ أثرًا عن القنابل والمدافع والصواريخ.
والروح المعنوية لا تقوى إلا باللغة، ونجد شعر الجهاد عندما كان الشعراء في الجاهلية وفي صدر الإسلام يتبارون في الشعر.
فقد كان هناك ما يسمى بشعر الجهاد؛ تحميسًا للقتال وتشجيعًا على الاستشهاد.
إن مَن يملك زمام اللغة -زمام السيطرة على الكلمة المنطوقة- هو القادر حقًّا على تملك زمام الحكم.
وفي النظام الديمقراطي تقوم اللغة بدور فعال بارز في الجدل البنَّاء والنقاش المثمر وتقرع الحجة بالحجة؛ ومن ثم تسعى الدول لمحو أمية مواطنيها.
فاللغة تعدُّ أبرز عامل من عوامل الترابط الاجتماعي وتكامل المجتمع؛ إنها تجعل من الأمة الناطقة بها كلًّا متراصًّا.
ومجمل القول أن لِلُّغة أربع وظائف:
أولا: وظيفة تعبيرية: لأننا نستعمل اللغة في التعبير عن المشاعر والأفكار وما إلى ذلك… نعبر بها عن ذاتنا، نعبر بها عما يجول في خاطرنا سواء عبرنا كلامًا أو عبرنا كتابة؛ والكلام هو العنصر الأساسي في اللغة، والكتابة تعبير ثانوي.
ثانيًا: وظيفية معرفية: نعرف ما في هذا الكتاب من أفكار، من عناصر، من معلومات، من مواد، من مادة لغوية، من مادة كلامية… إلى آخره.
ثالثًا: وظيفة اجتماعية: لا نتعاون مع الأفراد ولا نتبادل المعلومات والأشياء وما إلى ذلك إلا باللغة؛ فاللغة لها وظيفة اجتماعية، كيف تتعامل مع الآخرين؟ كيف تأخذ وكيف تعطي للآخرين؟ كيف تتبادل المشاعر والأفكار؟.
رابعًا: وظيفة وصفية: نستطيع أن نصف بها الأشياء، غير الوظيفة التعبيرية؛ فالتعبيرية نعبر بها عن هذه الأشياء، والوصفية نصف بها الشيء وصفًا كاملًا؛ من حيث الجوانب، من حيث الأبعاد، من حيث الحدود.