معنى شركة العنان، وشروط صحتها، وأهم أحكامها
شركة العنان: هي أن يشترك اثنان فأكثر في مال لهما، على أن يتجرا فيه، والربح بينهما، وكذلك الخسارة.
ومثاله: ما لو اشتركنا في شركة، رأس مالها مني مائة ألف، ومنك مائة ألف، وليس من الضروري التساوي، إذ أنه في النهاية يقسم الربح بيننا حسب ما نشترط، وكذلك الخسارة تكون حسب رأس المال، ولا يصح إعفاء أحد الشريكين من الخسارة مع مشاركته في الربح، ولا يجوز في الشركة أن يشتركا في الربح دون اشتراكهما في الخسارة، وهذا المبدأ مقرر شرعًا وقانونًا، وهو مقتضى كلمة شركة.
وإنما اختلف العلماء في بعض شروط شركة العنان، كما اختلف العلماء في علية تسميتها، يعني لماذا سميت شركة عنان؟
قيل: إنها سميت عنانًا؛ لأن الأصل في الشريكين أن يتساويا في المال الأصل، لكن لا مانع من زيادة رأس مال أحدهما على الآخر، والأصل أن يتساويا في المال، ويتساويا في التصرف، كالفارسين، إذا سويا بين فرسيهما، وتساويا في السير، فإن عنان فرسيهما، يعني: اللجام الذي تشد به الدابة، يكونان سواء.
وشركة العنان مدخل الرجلين على الاشتراك في شيء معلوم من مالهما، وانفراد كل منهما بباقي ماله، فهما متساويان فيما يشتركان فيه.
وقال الفراء: “هي مشتقة من عنَّ الشيء إذا عرض، قال: عنَّ لي أن افعل كذا، أو عنت لي حاجة، إذا عرض لي أمر أو عرضت لي فكرة، وسميت الشركة عنانا؛ لأن كل واحد من الشريكين عنَّ له أن يشارك صاحبه”.
وقال السبكي: “المشهور أنها من عنان الفرس، وهو ما يقاد به، كأن كل واحد منهما أخذ بعنان صاحبه لا يطلقه يتصرف كيف يشاء”.
وهذا النوع من الشركات هو السائد بين الناس؛ لأن شركة العنان، لا يشترط فيها المساواة لا في المال ولا في التصرف، فيجوز أن يكون مال أحدهما أكثر من مال الآخر، ويجوز أن يكون أحدهما مسئولًا، والآخر غير مسئول؛ ولذلك فليس فيها كفالة، فلا يطالب أحدهما إلا بما عقده بنفسه على نفسه من التصرفات دون تصرفات شريكه.
ويجوز مع ذلك أن يتساويا في الربح؛ نصف، ونصف، وأن يختلفا فيه؛ ربع، وثلاثة أرباع، أو ثلث، وثلثان حسب الشرط، أما الخسارة فتكون حسب رأس المال.
وأما شروط صحة عقد العنان:
والشركة عند الفقهاء، إما عنان وإما مفاوضة، فاشترطوا شروطًا في المفاوضة، فإذا لم تتحقق كانت عنانًا؛ فاشترطوا في شركة المفاوضة خمسة أمور لا بد أن يتساوى فيها الشريكان، فإن اختل شرط منها؛ كانت شركة عنان:
الشرط الأول: اشترطوا في شركة المفاوضة التساوي في أموال الشريكين كلها، ما دام صالحًا للشركة، فإن اختل هذا الشرط كانت شركة عنان، فشركة العنان تكون في جزء من مال كل منهما، أما غيره فلا يخضع للمشاركة.
الشرط الثاني: كما اشترطوا كل تصرف تجاري يكون في رأس مال شركة المفاوضة، وكل التصرفات المالية من حق كل منهما ما دامت لها صلة بالتجارة، واختلاف هذا الشرط أو اختلاله؛ يجعلها شركة عنان، حيث إن كل شريك مسئول عن تصرفه، لا عن تصرف الشريك الآخر.
الشرط الثالث: الربح حيث لا يشترط فيه التساوي، بل قد يتساوى وقد يكون ربح أحدهما أكثر أو أقل من الآخر حسب شرطهما، أما الخسارة فعلى حسب رأس المال.
الشرط الرابع: كفالة ما يلزم كلا الشريكين من دين التجارة، فإذا لم تكن هناك كفالة فالشركة عنان.
الشرط الخامس والأخير: أهلية التصرف، كفل من الشريكين يكون متمتعًا بأهلية التصرف، أما في شركة العنان فكل منهما يتحمل مسئولية تصرفه هو.
وأهم أحكام شركة العنان أمور؛ منها:
ليس كل ما يشتريه أحد الشريكين يكون للشركة، بخلاف شركة المفاوضة؛ فكل ما يشتريه أيّ منهما فهو للشركة، باعتبار أن البيع والشراء من التصرفات التجارية.
أمر آخر: ذهب الحنفية أن الدَّين يلزم أحد الشريكين فلا يؤخذ به الآخر إلا إذا صرح به في التضامن.
الحقوق التي يتولاها أحد الشريكين، قاصرة عليه ما دام الغرض أنه لا كفالة، يعني: ما دامت لا توجد كفالة؛ فلا يتحمل أحدهما حقًّا وجب على الآخر. وذهب جمهور الفقهاء إلى أن نفاذ تصرف شريك العنان على شريكه، يختص بالتجارة، يعني: بالتصرفات التجارية.