Top
Image Alt

معنى شركة المفاوضة، وشروطها، وأهم أحكامها

  /  معنى شركة المفاوضة، وشروطها، وأهم أحكامها

معنى شركة المفاوضة، وشروطها، وأهم أحكامها

إن كلمة مفاوضة، مأخوذة هنا من الفوضى، والفوضى، يعني: المساواة كما كان الشاعر العربي يقول:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم

*ولا سراة إذا جهالهم سادوا

فهنا من المفاوضة بمعنى: فوضى، أي: المساواة.

وسمي هذا النوع من الشركات مفاوضة؛ لاعتبار المساواة في الأمور الخمسة التي ذكرناها منذ قليل؛ في رأس المال، والربح، والقدرة على التصرف، وكفالة الحقوق، وهي شركة عامة في جميع التجارات، كل من الشريكين يفوض الآخر في كل التصرفات، في أثناء غيابه أو في حضوره.

وشركة المفاوضة في الاصطلاح معناها: أن يتعاقد اثنان فأكثر على أن يشتركا في عمل ما، بشرط أن يكونا متساويين في رأس المال، ويتساويا أيضًا في الربح، ويتساويا أيضًا في الدين، والملة كذلك -يعني: بين مسلم ومسلم؛ ولذلك شركة المفاوضة لا تصح عند الإمام أبي حنيفة، بين مسلم وكافر- ويكون كل واحد منهما، كفيلًا عن الآخر، فإذا اختل شرط من ذلك صارت شركة عنان.

وقد أجاز الحنفية هذه الشركة؛ لقوله صلى الله عليه  وسلم: ((إذا تفاوضتم فأحسنوا المفاوضة))، وهو حديث ضعيف في سنده وثبوته، وعلى فرض أنه صحيح؛ فالمراد بالمفاوضة، أي: المفاوضة في الصلح، وليس المفاوضة في الشركة؛ ولأن الناس يتعاملون بها -شركة المفاوضة- في سائر الأمصار، وأما الجهالة أو الغرر، فيحتمل؛ لأنه يأتي تبعًا لا أصلًا.

أما المالكية، فقد أجازوها أيضًا لكن بمعنى غير المعنى الذي ذكره الحنفية، وذلك لو قصرنا المعنى الذي ذهب إليه الحنفية، فالمالكية يخالفونه، كما يخالف في ذلك أيضًا غيرهم؛ فالمالكية أجازوها بمعنى غير المعنى الذي ذكره الحنفية.

فهي عند المالكية: أن تعقد الشركة على أن يكون كل شريك مطلق التصرف في رأس المال استقلالًا، أي: دون حاجة إلى أخذ رأي بقية شركائه في كل التصرفات التجارية، ولا تكون إلا فيما تم العقد عليه من أموالهم، ويلزم كل شريك ما يفعله شريكه.

وإذا نظرنا في مفهوم شركة المفاوضة عند المالكية؛ وجدنا أنه لا خلاف فيها عند الفقهاء، فإن اختل ذلك؛ كانت شركة عنان.

لكن إذا طبقنا تعريف شركة المفاوضة عند الحنفية على ما يفهمه المالكية؛ لوجدنا أنهم يخالفون في ثبوت الشركة -شركة المفاوضة- هذا المعنى؛ لأن شركة المفاوضة تقوم على المساواة في أمور عديدة يصعب تحقيق المساواة فيها.

فشركة المفاوضة بالمعنى الذي ذكره الحنفية من وافقهم، غير جائزة عند الشافعية، وعند المالكية أيضًا بهذا المفهوم؛ لأنها عقد لم يرد الشرع بمثله؛ ولأن تحقيق المساواة بالمعنى الذي ذكره الحنفية في هذه الشركة، أمر عسير جدًّا؛ ولأن في هذه الشركة غررًا كثيرًا وجهالة فاحشة.

أما الشروط الخاصة بصحة شركة المفاوضة عند الحنفية ومن وافقهم، فهي: أن يكون لكل من الشركاء أهلية الوكالة والمساواة في رأس المال، قدرًا، وقيمة، ابتداءً وانتهاءً، وأن كل ما يصلح أن يكون رأس مال للشركة لأحد المتفاوضَيْن أو المتفاوضِين؛ فهو داخل في رأس مال الشركة، وذلك كالنقود بخلاف العروض -عروض التجارة- والتي يملكها أحدهما؛ فلا تدخل في رأس مال شركة المفاوضة، والديون التي لأحدهما؛ لا تدخل في رأس مال شركة المفاوضة، فهذه أمور خاصة مثل أن يكون لأحد الشريكين أو الشركاء زوجة أو أكثر، فهذا أمر خاص به لا يشاركه فيه أحد.  والمساواة في الربح.

وأن تكون المفاوضة في جميع أنواع التجارات؛ ولذلك اشترط أبو حنيفة، أن تكون بين مسلميْن؛ لأنه لو كانت بين مسلم وذمي، فقد يتاجر الذمي في الخمور والخنازير، وهذا محرم عند المسلم، من هنا اشترط الإمام أبو حنيفة، أن تكون شركة المفاوضة بين مسلميْن، حتى تكون المفاوضة في جميع أنواع التجارات، أي: الحلال، بينما أجازها أبو يوسف، بين مسلم وكافر.

وعند صياغة العقد، يصاغ على أن هذه المعاملة مفاوضة؛ فتنعقد بلفظ المفاوضة، فإذا فقد شرط منها، صارت عنانًا لا مفاوضة.

ومن أهم الأحكام الخاصة بشركة المفاوضة ما يلي:

  1. الإقرار بالدين عليه أو على شريكه.
  2. الالتزام بديون التجارة وما في معناها، يعني: إذا استدان أحد الشريكين؛ فقد لزم الشريك الآخر المشاركة في سداد هذا الدين.
  3. الالتزام بالكفالة المالية، يعني: لو أن أحد الشريكين أو الشركاء عليه كفالة مالية فلا بد أن يسهم معه، وأن يتحمل معه شريكه أو شركاؤه الآخرون.
  4. المطالبة بحقوق البيع والشراء، وكل ما يترتب على البيع أو الشراء من حقوق، وهذه الحقوق ثابتة لكل واحد من الشركاء ما دامت الشركة، شركة مفاوضة؛ فهم متساوون، وهذا يدخل في باب التساوي.
error: النص محمي !!