معنَاها
الحرفُ الأوّلُ: “إنَّ” بكسْر الهمزة.
الحرف الثاني: “أنّ” بفتْح الهمزة، وهما لتوكيد النسبة بين الجزءيْن، ونفْي الشك عنها، ونفْي الإنكار لها.
الحرفُ الثالثُ: “لكنّ”، وهو للاستدراك، وهو تعقيب الكلام برفْع ما يتوهّم ثبوته أو نفْيه من الكلام السابق. وهو أيضًًا للتوكيد؛ قاله جماعة، منهم: ابن العلج صاحب “البسيط” .
فالاستدراك نحو: “زيد شجاع لكنّه بخيل”، و”ما زيد شجاع لكنّه كريم”.
والتوكيد، نحو: “لو جاءني زيد لأكرمتُه، لكنه لم يجِئ”، فأكّدتَ بـ”لكنَّ” ما أفادته “لو” من الامتناع.
الحرف الرابعُ: “كأنَّ”، وهو للتشبيه المؤكّد؛ لأنه مركّب من الكاف المفيدة للتشبيه، و”أنَّ” المفيدة للتوكيد. والأصل في: “كأنَّ زيدًًا أسدٌ”: “إنّ زيدًًا كالأسدِ”؛ فقُدِّمَت الكاف على “إنّ”؛ ليدلّ أوّل الكلام على التشبيه من أوّل وهلة، وفتِحَت همزة “إنّ”، وصارا كلمة واحدة.
الحرف الخامسُ: “ليت”، وهو للتّمنِّي، وهو طلَب ما لا طمَع فيه، أو ما فيه عُسْر. فالأوّل نحو: “ليت الشباب عائد”.
والثاني نحو: قول منقطِع الرجاء من مال يحجّ به: “ليت لي مالًًا فأحجّ منه”.
الحرف السادسُ: “لعلّ”، وهو:
للتوقّع، وعَبَّر عنه قوم بالتَرَجِّي في الشيء المحبوب، نحو: “لعلّ الحبيبَ قادمٌ”. ومنه عند البصريِّين: قوله تعالى: {لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } [الطلاق: 1] .
والإشفاق في الشيء المكروه، نحو قوله تعالى: {فَلَعَلّكَ بَاخِعٌ نّفْسَكَ} [الكهف: 6] أي: قاتل نفسك.
وأمّا قول فرعون -كما يحكيه القرآن الكريم-: {لّعَـلّيَ أَبْلُغُ الأسْبَابَ} [غافر: 36- 37]، فجهْلٌ منه، أو إفْك.
قال الأخفش والكسائي: وتأتي “لعلّ” للتعليل، نحو: “أفْرِغْ عَمَلَكَ لَعَلَّنَا نَتَغَذّى”، ونحو: “أتْقِنْ عَمَلَكَ لَعَلَّكَ تَأخُذْ أجْرَك”، أي: لنتغذّى، ولتأخذ.
ومِن التَّعليل قوله تعالى: {لّعَلّهُ يَتَذَكّرُ} [طه: 44]، أي: لِيتذكّر.
قال الكوفيّون: وتأتي “لعلّ” للاستفهام، نحو قوله تعالى: {لاَ تَدْرِى لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} [الطلاق: 1]، وقوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلّهُ يَزّكّىَ } [عبس: 3].
وعُقَيْل تُجِيزُ جَرَّ اسمها، وكسْر “لامِها” الأخيرة، وحذْفَ “لامِها” الأولى، وإثباتها، قال شاعرهم:-
فقلتُ: ادْعُ أخْرَى وارفَعِ الصوتَ جَهْرَةً | * | لَعَلَّ أبي المِغْوَارِ مِنْكَ قَرِيبُ |
فـ”أبي المِغوار” جُرَّ بـ”لعلّ” عند عُقيل.
السابعُ: “عسى” في لُغَيّة، وهو بمعنى: “لعلّ” في الترجي والإشفاق. وشرْط اسمه: أن يكون ضميرًًا لغائب، أو متكلِّم، أو مخاطَب. ومثاله: قول الشاعر:-
فقلتُ: عَسَاهَا نارُ كأسٍ وعَلَّها | * | تَشَكَّى فآتي نحوَها فَأعُودُهَا |
فـالهاء المتّصلة بـ”عسى”: اسمه، و”نار كأس”: خبره.
وقول الشاعر:
ولي نفسٌ تُنَازِعُنِي إذا ما | * | أقولُ لها: لَعَلِّي أو عَسَانِي |
فياء المتكلِّم: اسم “عسى”. وخبره محذوف.
وهو -أي: “عسى”- حينئذ حرف، كـ”لعل”، وفاقًًا للسيرافي، ونقَله عن سيبويه، خلافًًا للجمهور في إطلاق القول بفعليّته، وخلافًًا لابن السرّاج وثعلب في إطلاق القول بحرفيّته.
الثامنُ: “لا” النافية للجنس، وستأتي في باب معقود لها.