Top
Image Alt

مقارنة بين تحليل الأخطاء، وبين التحليل التقابلي

  /  مقارنة بين تحليل الأخطاء، وبين التحليل التقابلي

مقارنة بين تحليل الأخطاء، وبين التحليل التقابلي

هناك نقطتان مهمتان متصلتان بهذه المقارنة بين هذين الاتجاهين، أو هذين المنهجين:

النقطة الأولى: أن كلًّا من المنهجين يقصر عمله على الجملة المفردة، ولا يتعداها؛ فالجملة هي الوحدة الكبرى التي يتعامل كل منهما معها، ويحصر دراسته فيها، ويحاول أن يتوصل إلى أسباب الأخطاء التي تقع عند تركيبها؛ ولذلك فإن الدراسة لا تمتد بحيث لا تشمل الكلام المتصل، سواء أكان حديثًا أم كتابة.

وهو الكلام الذي تتدخل في تأليفه عوامل أخرى تتعدى الجوانب الصوتية، والصرفية، والنحوية لتشمل النواحي البلاغية، والجوانب المتعلقة بخطط التواصل في المواقف الحياتية المختلفة، وكذلك تلك التي تتصل بالوظائف اللغوية المختلفة في سياقاتها المتنوعة.

النقطة الثانية: وتتعلق بالاختلاف بين المنهجين من حيث التعامل مع الأخطاء، فالمنهج الأول المنبثق من مبادئ المدرسة البنيوية يعتمد على الكلام الفعلي الذي يستخدمه الإنسان، بما في ذلك التعبير الصوتي عن المعاني المختلفة بموجب القواعد الصوتية الخاصة بلغة معينة؛ لذلك فإن التحليل اللغوي المقارن يتعامل مع المظهر الصوتي للغة، بالإضافة إلى المظهرين الصرفي، والنحوي، أي: أنه يتعامل مع ظاهر الجملة، وهذا يشمل المظهر الصوتي بطبيعة الحال.

أما منهج تحديد الأخطاء: فإنه ينبثق من نظرية “تشومسكي” التي لا تتعامل مع ظاهر الجملة إلا كآخر مظهر من مظاهرها؛ بل أقلها أهمية؛ ذلك أن أصحاب هذه المدرسة قد ركزوا اهتمامهم على الجانب الظاهري، والباطني معًا.

بل ظهر تركيزهم على الجانب الباطني بصورة أكبر، أي: أنهم تعاملوا مع لغة مثالية يستخدمها إنسان مثالي في مواقف مثالية، بغض النظر عن العوامل المختلفة التي تحكم هذا الاستخدام، وبغض النظر عن الأخطاء الآنية التي تحدث بين حين وآخر لأسباب تتعلق بالمواقف الحياتية المختلفة التي تستخدم فيها اللغة.

إذ أنهم ركزوا على القدرة، أو ما سموه بالملكة اللغوية، لا على الكلام الفعلي، وعلى القواعد التي تتحكم في قدرة الإنسان على خلق أو توليد جميع الجمل الصحيحة في لغة ما، بغض النظر عما إذا كانت تلك الجمل تستخدم بالفعل، أو لا تستخدم أبدًا.

وعلى هذا، فإن الأخطاء التي يهتم بها أنصار هذه المدرسة، والتي تستند إلى ما يسمونه بتحليل الأخطاء هي تلك التي تخرق واحدة، أو أكثر من قواعد اللغة في جانب من جوانبها، ولا يتعرضون للمظهر الخارجي للغة، أي: المظهر الصوتي عند تحليلهم للأخطاء اللغوية، كما سبق وأن ذكرنا.

كما اتضح من التحليل التقابلي: أن جانبًا من جوانب الصعوبة التي يواجهها المتعلم عند دراسته اللغة الأجنبية هو جانب متصل بالمداخلة التي تأتي من لغة الدارس الأصلية، واعتبار هذه المداخلة من جانب بعض العلماء بأنها المصدر الرئيس لتلك الصعوبات التي تفرز الأخطاء في أثناء دراسة اللغة الأجنبية.

وقد علمت أن الاتجاه الآخر، وهو اتجاه تحليل الأخطاء لا يقصر الأخطاء على المداخلة اللغوية، فقد تحدث الأخطاء نتيجة عوامل أخرى سبق أن وقفنا عليها.

كما بان أن التحليل التقابلي يعتمد على مدرسة ترى أن تعلم اللغة الأجنبية ما هو إلا عملية يكتسب الفرد من خلالها أنماط اللغة الجديدة، مما لا يتوفر في لغته الأم، ومن ثم، فللغة الأم تأثير على عملية تعلم اللغة الأجنبية.

ولذلك انشغل المنتمون لهذه المدرسة بدراسة العلاقة بين اللغة الأم واللغة الأجنبية؛ لبيان أوجه العلاقة بينه، وقسمت العناصر اللغوية إلى عناصر متماثلة بين لغتين، وأخرى متشابه، وثالثة مختلفة.

وتوقع الباحثون أن يبدأ سلم العصوبة من تلك العناصر المختلفة، منتهيًا إلى العناصر المتماثلة، تلك التي يتمثلها الدارس في فترة وجيزة، ولا تمثل مشكلة عنده.

أما المدرسة الأخرى: فهي المدرسة العقلية التي تقلل من أثر اللغة الأم في تعلم اللغة الثانية على النحو الذي أوضحناه؛ حيث ترى أن تعلم اللغة الأجنبية ما هو إلا عملية إبداعية يتدرج الفرد فيها من مرحلة إلى أخرى حتى يصل إلى درجة الإتقان.

وقد تأثر بهذا الاتجاه بعض العلماء في عالمنا العربي، فقاموا بدراسات تكشف عن الأخطاء في بعض البيئات؛ حيث تتعرض للأخطاء التي يقع فيها الطالب، سواء بسبب المداخلة اللغوية بين اللغة الأم، وبين لغة الأجنبية، أو بسبب أمور أخرى لا تعود إلى اللغة، وإنما تعود إلى العملية التعليمية نفسها.

بل رأى بعضهم: أن الجمع بين التحليل التقابلي، وتحليل الأخطاء قد يكون مفيدًا في تقويم الطالب، وتصويب أخطائه؛ حيث إن أسلوب التحليل اللغوي وحده، أو أسلوب تحليل الأخطاء وحده، لا يكون الحل الأمثل في تعلم اللغة الأجنبية، وأن الجمع بين الأسلوبين هو السبيل الأفضل الذي يؤدي إلى معلومات مفيدة في تيسير عملية تعلم اللغة الأجنبية عربية كانت، أو غير عربية.

error: النص محمي !!