Top
Image Alt

مقدمات ظهور علم التخريج كفن مستقل

  /  مقدمات ظهور علم التخريج كفن مستقل

مقدمات ظهور علم التخريج كفن مستقل

مقدمات ظهور فن التخريج كفن مستقل له قواعده الخاصة، وظهور بعض أنواع المؤلفات الحديثية الجديدة:

لما تكامل جمع السنة وارتقت المؤلفات فيها في درجة الكمال، وذلك في أواخر القرن الرابع الهجري، حيث بدأ طور التهذيب وغيره، كان من الطبيعي أن تمتد يد التهذيب إلى علم تخريج الحديث، فاتخذ العلماء فيه مسارًا جديدًا، يحدد ملامحه ويرسخ قواعده، ويجعله فنًّا مستقلًا له أصوله ومناهجه، وييسر الحصول على الحديث من مصادره المختلفة.

بدأت أولى هذه الخطوات على يد الحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله الجَوْزَقِي، في سنة 388 هجرية، حيث ألف كتابه (الجمع بين الصحيحين) وكان بذلك هو أول من أبرز أحد طرق التخريج الأساسية لهذا العلم، وهي طريقة ترتيب الأحاديث على الكتب والأبواب الفقهية وغيرها.

ثم تلاه كل من الشيخ الإمام أبو مسعود بن إبراهيم بن محمد الدمشقي، سنة 401، فألف كتابه (أطراف الصحيحين)، والشيخ الإمام أبو محمد خلف بن حمدون الواسطي، ذلك الذي ألف كتابه (أطراف الصحيحين)، إلا أن كتاب الحافظ خلف أقل خطأً ووهمًا من كتاب الحافظ أبي مسعود.

وكان الإمامان بذلك هما أول من أبرز إحدى طرق التخريج الأساسية لهذا العلم، وهي طريقة الأطراف، أو طريقة معرفة الراوي الأعلى للحديث، وهذان النوعان من المؤلفات -الجمع للأبواب الفقهية والأطراف- يمثلان جانبًا من الجوانب المتعددة لمناهج علم التخريج، وهو المراجع التي تجمع أحاديث لأكثر من مصدر، مع عزو الحديث إلى مصدره الأصلي، ذَكَر ذلك فضيلة الدكتور عبد الموجود عبد اللطيف في كتابه (كشف اللثام عن تخريج أحاديث سيد الأنام صلى الله عليه  وسلم).

ثم يقول تحت عنوان ظهوره كفن مستقل، له قواعده ومناهجه، يبدأ ذلك في أوائل القرن الخامس الهجري؛ نتيجة لتهذيب السنة والبحث في مدوناتها.

ظهر في هذه المرحلة نوع جديد من المؤلفات هو المستدركات، فألف الحافظ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري كتابه (المستدرك على الصحيحين). وبظهور هذا المصدر تم وضع اللبنة الأولى لجانب آخر من جوانب مناهج مراجع التخريج، وهو عزو الحديث إلى أكثر من مصدر دون الجمع بينهما، كما مر في الجانب الأول منه.

وطريقته في عرض التخريج إبراز نقيضه، حيث يشير إلى عدم ورود الحديث في الأصل المستدرك عليه، وهو ما يفهم منه أن التخريج هو عزو الحديث إلى مصدره، وكان الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الخَسْرُوجَرْدِي البيهقي -المتوفى 458 هجرية- هو أول من أبزر التخريج على هيئته المتكاملة المتعارف عليها الآن، وحذا حذوه العلماء من بعده في إظهار التحرير، لكن كان تصريحًا ودون إبراز النقيض.

ثم ظهرت مراجع التخريج المؤلفة على حروف المعجم، فألف أبو الفضل محمد بن ماهر المقدسي -507 هجرية- كتابه الذي رتب فيه (أطراف الغرائب والأفراد) للدارقطني، على حروف المعجم.

ثم ظهرت مراجع التخريج المؤلفة على الموضوعات المتعددة، منها ما ألَّفه المستشرق الهولندي الدكتور “أرفد جان فلسنج”.

ثم أخيرًا ظهرت مراجع التخريج المؤلفة على ألفاظ المعاجم، فألَّف مجموعة من المستشرقين، ومعهم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي).

هذا ولا يخفى عليك أن بعض المصادر مما لم نذكر أكثر شهرة من بعض ما ذكرنا، وسبب ذلك يرجع إلى أننا قصدنا بيان أول من ألف في كل نوع من الأنواع المعتبرة في السنة، وما يلحق بها دون ما اشتهر منها، وأول ما بيناه من مراجع التخريج إنما هو ليست قصرًا عليها في بابها، وإنما أردنا إظهار أول المؤلفين في كل طريقة من طرقها.

error: النص محمي !!