مناهج التّأليف في أصول الفقه
بعد الإمام الشّافعيّ، بدأت تظهر على المؤلِّفين في أصول الفقه نزعات، تحوّلت بعد ذلك إلى اتّجاهات ومناهج في التأليف في هذا الفن. ومن ذلك:
1. منهج المتكلِّمين:
والذي يعتمد على تقرير القواعد الأصوليّة مدعومة بالأدلّة والبراهين، مجرّدًا للقواعد الأصولية عن الفروع الفقهيّة، مِن غير تأثّر بفروع أيّ مذهب في تقرير القواعد. وسُمِّي بمنهج المتكلِّمين، لمشابهته لطُرق الباحثين في عِلْم الكلام.
وسار على هذا المنهج جمهور العلماء.
ويعتبر أصحاب المذاهب الأخرى غير الحنفيّة، هم مَن سار على هذا المنهج.
2. منهج الفقهاء:
وهو يهتمّ بتقرير القواعد الأصوليّة بناءً على الفروع الفقهيّة الواردة عن أئمّتهم. وأصحاب هذا المنهج إذا وجدوا قاعدة تتعارض مع بعض الفروع الفقهيّة المقرَّرة لديْهم، عمدوا إلى تعديلها بما يتفق مع الفروع الفقهيّة.
وسار على هذا المنهج علماء الحنفيّة.
3. منهج الجمْع بين الطريقتَيْن:
فاهتمّ أصحاب هذا المنهج بتقعيد الأصول المجرَّدة، ثم طبَّقوها على الفروع. والدّافع لهم على ذلك هو: أنّ لكلا الطريقتيْن مميّزاتها، والمآخذ عليها؛ فأرادوا بذلك أنْ يأخذوا محاسن كلٍّ مِن الطريقتيْن، واجتناب المآخذ عليها.
ومِن المؤلفات على هذا المنهج: (بديع النّظام) لابن الساعاتي، (التنقيح) لصدر الشريعة، و(جمع الجوامع) لابن السّبكيّ.
4. منهج تخريج الفروع على الأصول:
وهذا المنهج يُعنى بذِكْر القاعدة الأصوليّة، ثم ذِكْر ما تفرّع عليها.
ومِن المؤلَّفات: (تخريج الفروع على الأصول) للزنجاني، (مفتاح الوصول) للتّلمسانيّ، و(التمهيد) للأسنويّ.
5. المنهج الاستقرائيّ الكلّيّ: وهو الذي سار عليه الإمام الشّاطبيّ.
6. منهج الجمْع الموسوعيّ:
وأوّل مَن صنّف فيه: الإمام الزّركشيّ، صنّف كتابه: (البحر المحيط)؛ وعليه اعتمد كلّ من جاء بعده، كالبرماوي الشافعي، والمرداوي الحنبلي، والقنّوجي الحنبلي، وغيرهم…