Top
Image Alt

نكوص أبي سفيان عن موعده

  /  نكوص أبي سفيان عن موعده

نكوص أبي سفيان عن موعده

وجاء الموعد الذي نادى به أبو سفيان بعد أن ظنّ أنه حقق انتصارًا على المسلمين بأن موعدهم بدرٌ من العام القابل، فقبل النبي صلى الله عليه  وسلم هذا الأمر، وأعد له عدته، والتزم بالموعد، وبالمكان؛ ولذلك خرج النبي صلى الله عليه  وسلم في غزوة بدر الموعد كما طلب أبو سفيان، وكانت في شهر ذي القعدة، وقد أعد النبي صلى الله عليه  وسلم للأمر عدته، حتى إنه عليه السلام قال: ((والذي نفسي بيده لأخرجن، وإن لم يخرج معي أحد))، فنصر الله المسلمين بذلك، وأذهب عنهم الرعب، واستخلف النبي صلى الله عليه  وسلم على المدينة عبد الله بن رواحة، وحمل لواءه علي بن أبي طالب، وسار في المسلمين -وهم ألفٌ وخمسمائة- وكانت الخيل عشرة أفراس، كما أنهم خرجوا ببضائع لهم، وتجارات، وكانت بدرٌ مجتمعًا يجتمع فيه العرب كل عامٍ، وكانت تقام لهم سوقٌ فيه لهلال ذي القعدة إلى ثمانٍ منه، ثم تخلو منه ويتفرق الناس إلى بلادهم.

فانتهى النبي صلى الله عليه  وسلم وأصحابه إلى بدر ليلة هلال ذي القعدة، وقامت السوق صبيحة الهلال، فأقام المسلمون ثمانية أيام، وباعوا ما خرجوا به من التجارات فربحوا للدرهم درهمًا وانصرفوا؛ لأن أبا سفيان الذي طلب الموعد، وتحدى به، قد حل الموعد، فإنه لما دنا الموعد كره الخروج؛ لأنه ربما داخله شيء في نفسه من أن المسلمين ربما يحققون عليه نصرًا؛ لذلك قال أبو سفيان لنعيم بن مسعود الأشجعي – وهو رجل ينقل الشائعات-: “إني قد واعدت محمدًا وأصحابه أن نلتقي ببدر، وقد جاء ذلك الوقت، وهذا عام جدب -يتعلل أبو سفيان بهذا الأمر- وإنما يصلحنا عام خصب، وأكره أن يخرج محمد، ولا أخرج فيجترأ علينا”.

وهذا الأمر قاله أبو سفيان لأهل مكة حينما أوعز إليهم أنه لن يصلحهم إلا عام خصبٍ ترعى فيه الإبل والخيل ويشربون فيه اللبن، وجعل أبو سفيان لنعيمٍ بن مسعود عشرين فريضة -أي: عشرين ناقة- يضمنها له سهيل بن عمرو على أن يقدم المدينة فيخذل محمدًا وأصحابه -كما قال- فرضي نعيمٌ بهذا الأمر، وخرج مسرعًا إلى المدينة ليخبر المسلمين بجمع أبي سفيان الذي أراد أن يوهن المسلمين به، وأن معه من العدة والسلاح الشيء الكثير، فقال رسول الله صلى الله عليه  وسلم لما سمع هذه القالة، وهذه الشائعة الكاذبة: ((والذي نفسي بيده لأخرجن، وإن لم يخرج معي أحد))، فنصر الله المسلمين، وأذهب عنهم الرعب.

أما أبو سفيان ومن معه من المشركين، فإنهم خرجوا على غير عزم من أبي سفيان لمواصلة السير معتمدًا على أثر هذه الشائعة التي توقع أن تأتي بثمرةٍ في إرهاب المسلمين في المدينة؛ فخرج من مكة حتى وصل إلى مر الظهران، ونزل بمياه مجنة على بعد أربعين كيلو مترًا تقريبًا من مكة، ثم عاد بهم من غير أن يواصلوا المسير لموعدهم الذي واعدوا به المسلمين.

ورجع النبي صلى الله عليه  وسلم إلى المدينة، وقد أيده الله بالنصر؛ لأن أبا سفيان لم يأتِ للموعد، وخالف فيه.

error: النص محمي !!