Top
Image Alt

نماذج من (المعجم الكبير) للطبراني

  /  نماذج من (المعجم الكبير) للطبراني

نماذج من (المعجم الكبير) للطبراني

هذا المعجم يمثل الطريقة الأولى من طرق التخريج، ألا وهي التخريج عن طريقة معرفة الراوي الأعلى للحديث، الإمام الطبراني جمع كتابه (المعجم الكبير) على مرويات الصحابة يذكر لكل صحابي مروياته. الكتاب به ما يقرب من ستين ألف حديث، بدأ بالأربعة الخلفاء تكريمًا لهم، وأكَمَلَ ببقية العشرة المبشرين بالجنة، لم يراعِ فيهم الترتيبَ المعجمي لمكانتهم ومنزلتهم، وبَعْدَ العشرة المبشرين بالجنة رَتَّبَ كتابه بحسب المعجم، من أجل ذلك سماه (المعجم الكبير).

ولنبدأ بأول معجم من معاجمه، وهو سيدنا أبو بكر الصديق، قال الطبراني: “الحمد لله رب العالمين، وصلواته على نبيه محمد وآله أجمعين، هذا كتاب ألفناه جامع لعدد ما انتهى إلينا ممن روى عن رسول الله صلى الله عليه  وسلم من الرجال والنساء، على حروف: أ، ب، ت، ث، بدأت فيه بالعشرة رضي الله  عنهم لأنه لا يتقدمهم أحد، خرّجت عن كل واحد منهم حديثًا وحديثين وثلاثًا، وأكثر من ذلك على حسب كثرة رواياتهم وقِلتها.

ومن كان من المقلين خرّجت حديثه أجمع، أي: كل أحاديثه، أما المكثر أُخرج منه حديثًا أو حديثين أو ثلاثة أو أربعة أو خمس أو أكثرَ، ومَن لم يكن له رواية عن رسول الله صلى الله عليه  وسلم وكان له ذِكر من أصحابه ممن استشهد مع رسول الله صلى الله عليه  وسلم أو تقدم موته ذكرته من كتب المغازي وتاريخ العلماء؛ لأُوقف على عدد الرواة عن رسول الله صلى الله عليه  وسلم وذكر أصحابه رضي الله  عنهم وسنُخرج مسندهم بالاستقصاء على ترتيب القبائل بعونه وقوته إن شاء الله وحده.

ثم قال:

1. نسبة أبي بكر الصديق واسمه رضي الله  عنه:

اسمه: عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة. كنيته: أبو بكر. لقبه: الصديق.

حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني، حدثني أبي، ثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: أبو بكر الصديق اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه  وسلم وأم أبي بكر رضي الله  عنه هي أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك، وأم الخير -يعني: جدة أبي بكر الصديق- هي دُلاف وهي أميمة بنت عبيد بن الناقد الخزاعي، وجدة أبي بكر أم أبي قحافة أمينة بنت عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عُويج بن عدي بن كعب.

الحديث الثاني: حدثنا محمد بن علي المديني البغدادي، ثنا داود بن رشيد، عن الهيثم بن عدي قال: أم أبي بكر رضي الله  عنه يقال لها: أم الخير بنت صخر بن عامر، وهلك أبو بكر -يعني: مات- فورثه أبواه جميعًا وكانَا قد أسلمَا، يعني: يوم أن مات سيدنا أبو بكر الصديق كانت أمه على قيد الحياة، وكان أبوه على قيد الحياة فورثاه، وماتت أم أبي بكر قبل أبيه، أي: قبل والد أبي بكر.

الحديث الثالث: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي، ثنا عبد الله بن شبيب المدني، حدثنا إبراهيم بن يحيى بن هانئ الشجري، حدثني أبي، عن خازم، عن حازم بن الحسين، عن عبد الله بن أبي بكر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله  عنهما قال: “أسلمت أم أبي بكر وأم عثمان وأم طلحة وأم الزبير وأم عبد الرحمن بن عوف وأم عمار بن ياسر رضي الله  عنهم”. ويقال: عتيق بن عثمان سيدنا أبو بكر، سمي عتيقًا لحسن وجهه.

الحديث الرابع: حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي، ثنا هشام بن خالد، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن الليث بن سعد قال: إنما سمي أبو بكر رضي الله  عنه عتيقًا لجمال وجهه، واسمه عبد الله بن عثمان.

ومن الأحاديث التي رويت في ذلك المعجم عن أبي بكر الصديق: حدثنا مُطَّلب بن شعيب الأزدي، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف أنه حدثه أنه جلس مع شفي الأصبحي وقال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه  وسلم يقول: ((يكون بعدي اثنا عشر خليفة، أبو بكر الصديق لا يلبث بعدي إلا قليلًا، وصاحِب رحى داره يعيش حميدًا ويموت شهيدًا. قيل: من هو يا رسول الله؟ قال: عمر بن الخطاب رضي الله  عنه ثم التفت إلى عثمان، فقال: وأنت سيسألك الناس أن تخلع قميصًا كساك الله عز وجل والذي نفسي بيده لئن خلعته لا تدخل الجنة، حتى يلج الجمل في سم الخياط)).

والحديث الذي بعده: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج بن المنهال ثم تحول السند قال: وحدثنا المقدام، حدثنا أسد بن موسى قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن سعيد بن جَمْهان، عن سفينةَ مولى النبي صلى الله عليه  وسلم عن النبي صلى الله عليه  وسلم قال: ((الخلافة ثلاثون سنةً، ثم يكون مُلكًا)) قال: أمسك سنتين أبو بكر، وعَشْرًا عمر، واثنتي عشرة عثمان، وستًّا علي رضي الله  عنهم.

الحديث الذي بعده: حدثنا معاذ بن المثنى، حدثنا علي بن المديني، حدثنا إسحاق بن منصور السلولي، حدثنا محمد بن سليمان العبدي، عن هارون بن سعد، عن عمران بن ظبيان، عن أبي يحيى حكيم بن سعد قال: سمعت عليًا رضي الله  عنه يحلف: “لله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق”.

الحديث الذي بعده بسنده عن عكرمة قال: أخبرتني أم هانئ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه  وسلم لما أسري بي: ((إني أريد أن أخرج إلى قريش)) فأخْبَرهم فكذبوه وصدقه أبو بكر، فسُمي يومئذ الصديق.

ثم ذكر صفة أبي بكر رضي الله  عنه كما جاءت في الأحاديث، ومنها هذا الحديث: حدثنا طاهر بن عيسى المصري، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح أن عبد الله بن عمرو رضي الله  عنهما قال: “ثلاثة من قريش، أصبح قريش وجوهًا، وأحسنها أخلاقًا، وأثبتها حياءً، إن حدثوك لم يكذبوك، وإن حدثتهم لم يكذبوك: أبو بكر الصديق، وأبو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن عفان رضي الله  عنهم”.

الحديث الذي بعده في صفة الصديق عن ثابت، عن أنس رضي الله  عنه أن أبا بكر رضي الله  عنه خضب لحيته بالحناء والكتْم، وأن عمر رضي الله  عنه خضب بالحناء فردًا، أي: من غير كتم. وعن عائشة رضي الله  عنها أنها رأت رجلًا مارًّا وهي في هودجها، فقالت: “ما رأيت رجلًا أشبه بأبي بكر مِن هذا، فقيل لها: صِفي لنا أبا بكر؟ فقالت: كان رجلًا أبيضَ نحيفًا، خفيفَ العارضين، أحنَى، لا تستمسك أزرته، تسترخي عن حِقويه، معروقَ الوجه، غائرَ العينين، ناتئ الجبهة، عاري الأشاجع”.

سنن أبي بكر وخطبته ووفاته:

عن عائشة رضي الله  عنها أن النبي صلى الله عليه  وسلم مات على رأس ثلاث وستين. قال ابن شهاب: “وقالت عائشة: وتوفي أبو بكر على رأس ثلاث وستين”. وعن عائشة رضي الله  عنها أن النبي صلى الله عليه  وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين. وعن عائشة رضي الله  عنها قالت: “تذاكر رسول الله صلى الله عليه  وسلم وأبو بكر رضي الله  عنه ميلادهما عندي، فكان رسول الله صلى الله عليه  وسلم أكبرَ من أبي بكر، فتوفي رسول الله صلى الله عليه  وسلم وهو ابن ثلاث وستين، وتوفي أبو بكر رضي الله  عنه وهو ابن ثلاث وستين، لسنتين ونصف التي عاش بعد رسول الله صلى الله عليه  وسلم”.

وإليكم هذا الحديث الذي أسنده أبو بكر الصديق عن رسول الله صلى الله عليه  وسلم ووضعه الطبراني تحت رقم 43: روى الطبراني بسنده عن حُميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه -أي: عن عبد الرحمن بن عوف- قال:

“دخلت على أبي بكر رضي الله  عنه أعوده في مرضه الذي توفي فيه، فسلمتُ عليه، وسألته: كيف أصبحتَ؟ فاستوى جالسًا فقلتُ: أصبحتَ بحمد الله بارئًا، فقال: أما إني على ما ترَى وجِع، وجعلتم لي شغلًا مع وجعي، جعلت لكم عهدًا من بعدي، واخترت لكم خيرَكم في نفسي، فكلكم وَرِمَ لذلك أنفه؛ رجاءَ أن يكون الأمر له -يقصد بذلك توليةَ عمر بن الخطاب مِن بعده- ورأيت الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي جائية، وستُنَجِّدون بيوتكم بسور الحرير، ونضائب الديباج، وتألمون ضجائع الصوف الأزري، كأنّ أحدكم على حسك السعدان، ووالله لأن يقدم أحدكم فيُضرب عنقه في غير حد خيرٌ له من أن يسيح في غمرة الدنيا.

ثم قال: أما إني لا آسي على شيء إلا على ثلاث فعلتهن، وودت أني لم أفعلهن، وثلاث لم أفعلهن وودت أني فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه  وسلم عنهن؛ فأما الثلاث اللاتي وددت أني لم أفعلهن؛ فوددت أني لم أكن كشفتُ بيتَ فاطمة وتركته، وأن أغلق عليَّ الحرب، وودت أن يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين: أبي عبيدة أو عمر، فكان أمير المؤمنين وكنت وزيرًا، وودت أني حيث كنت وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الردة أقمت بذي القَصَّة، فإن ظفر المسلمون ظفروا، وإلا كنت رِدءًا أو مددًا.

وأما اللاتي وددت أني فعلتها فوددت أني يوم أتيت بالأشعث أسيرًا، فضربتُ عنقَه، فإنه يخيل إليّ أنه لا يكون شرًا إلا طار إليه، وددت أني يوم أتيت بالفجاة السلمي لم أكن أحرقه وقتلته سريحًا أو أطلقته نجيحًا، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى الشام، وجهت عمرَ إلى العراق، فأكون قد بسطت يدي يميني وشمالي في سبيل الله عز وجل وأما الثلاث اللاتي وددت أني سألت رسولَ الله صلى الله عليه  وسلم عنهن: فوددت أني كنت سألته فيمن هذا الأمر فلا ينازعه أهله، وودت أني كنت سألته: هل للأنصار في هذا الأمر سبب؟ وودت أني سألته عن العمة وبنت الأخ -أي: في الميراث- فإن في نفسي منهما حاجة”.

error: النص محمي !!