Top
Image Alt

نماذج من الوفود السيئة

  /  نماذج من الوفود السيئة

نماذج من الوفود السيئة

وإذا كانت هذه الوفود تمثل وفودًا جاءت طائعة لله أسلمت من عند أنفسها وحسن إسلامها بعد أن عرض النبي صلى الله عليه  وسلم عليها هذا الدين العظيم، فإنه كان من الوفود وفودٌ كانت سيئة المقصد، ومن هؤلاء:

وفد بني حنيفة:

الذين قدموا عليه صلى الله عليه  وسلم وكان فيهم مسيلمة الكذاب، وكانوا بضعة عشر رجلًا، وقد أقاموا أيامًا يختلفون إلى رسول الله صلى الله عليه  وسلم يعلمهم أمر الدين، ويدعوهم إلى الإسلام، وكان فيهم الرّجّال بن عنفوة يتعلم، ثم إنهم لما أرادوا الرجوع، أمر لهم صلى الله عليه  وسلم بجوائز لكل منهم.

فلما عادوا إلى بلادهم ارتد مسيلمة، وتنبأ لهم، وقال: إني أشركت في الأمر معه -يقصد النبي صلى الله عليه  وسلم- وسجع لهم سجعًا يضاهي به القرآن، واستمال عقول قومه الذين استجابوا لأمره، والتفوا حوله مرتدين عن الدين.

ولقد بعث النبي صلى الله عليه  وسلم الرَّجَّال بن عنفوة الذي تعلم القرآن حتى يقف في وجه مسيلمة، ويمنع الناس من أن تؤثر فيهم هذه الفرية الكاذبة، لكنه كان شرًّا على قومه هو الآخر، فلم يفده ما تعلم من القرآن، وما عرف من أمر الدين، فدخل في هذه الفتنة يزيد من سُعارها، ويعلن للناس أن رسول الله صلى الله عليه  وسلم إنما بعثه ليؤيد دعوة مسيلمة، كان لهذا أثره في زيادة فتنة مسيلمة نواحي نجد، والتي كانت أخطر حركات الردة التي واجهها المسلمون بعد وفاة النبي صلى الله عليه  وسلم

وفد بني عامر:

كذلك فإن وفد بني عامر الذين جاءوا وفيهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس، جاء عامر إلى النبي صلى الله عليه  وسلم يقول بأنه يخيره صلى الله عليه  وسلم  بين ثلاث خصال: أن يكون للنبي صلى الله عليه  وسلم أهل السهل وله أهل المدر، أو أن يكون خليفته من بعده وإلا فإنه سيغزوه بغطَفان، وكان مما قاله للنبي صلى الله عليه  وسلم أتجعل لي الأمر من بعدك إن أسلمت؟ فقال النبي صلى الله عليه  وسلم: ليس ذلك لك ولا لقومك هذا الأمر الذي طلب منه صلى الله عليه  وسلم أيامًا إن كان يعرض نفسه على القبائل، وهو في مسيس الحاجة إلى من يقف بجانبه من العرب حتى يؤدي رسالة ربه، ولكنه أبى من كل هذا، وقال: إن الأمر لله، إن الأمر لله، إن الأمر لله يجعله حيث شاء، وكان عامر قد دبر مؤامرة مع إربد بن قيس للغدر بالنبي صلى الله عليه  وسلم ولكن الله منع رسوله صلى الله عليه  وسلم من ذلك فكان عامر يقول لأربد: “سوف أشغله عنك وأنت تعلوه بالسيف، ولكن الله عز وجل منع رسوله صلى الله عليه  وسلم وعاد عامر بعد أن لم يسلم؛ فقتله الله في الطريق وقتل أربد بصاعقة من السماء.

كذلك وفد على النبي صلى الله عليه  وسلم وفد الأزد ثم وفد أهل الجرش حيث قدم أولًا سرد بن عبد الله الأزدي في وفد من قومه على النبي صلى الله عليه  وسلم فأسلم وحسن إسلامه وأمره النبي صلى الله عليه  وسلم على من أسلم من قومه وأمره صلى الله عليه  وسلم أن يجاهد بمن أسلم من كان يليه من أهل الشرك من قبل اليمن.

ولذلك فإنه جاهد أهل جُرش، وكانت مدينة حصينة وبها قبائل من اليمن، وقد انضم إليهم قبيلة خثعم فتحصنوا بجرش لما سمعوا بمسير المسلمين إليهم فحاصرهم سُرد شهرًا أو قريبًا منه، ثم أوقع بهم في قتال نال منهم فيه، وكان أهل جرش لما ضيق عليهم قد بعثوا رجلين منهم إلى رسول الله صلى الله عليه  وسلم ينظران في أمره، فلما كان عنده صلى الله عليه  وسلم نعى لهم قومهما يوم أن أوقع بهم سُرد بن عبد الله، ودعا لأهل جرش بأن يرفع الله عنهم ما نزل بهم، ولما رجع الرجلان إلى قومهما فأخبراهم بأمر ما أخبرهم به النبي من أمر ما وقع به سارعوا إلى الإسلام.

وفد ملوك حمير، وجُزام، وهمدان:

كما قدم على النبي صلى الله عليه  وسلم كتاب ملوك حمير مقدمه من تبوك، وجاء رسولهم إليه صلى الله عليه  وسلم بإسلامهم فكتب إليهم صلى الله عليه  وسلم كتابًا ذكر لهم علمهم بكتابهم وبما فيه من إسلامه، وقتلهم المشركين، وأن الله قد هداهم بهداه إن أصلحوا وأطاعوا الله ورسوله وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة.

ثم بَيَّن لهم صلى الله عليه  وسلم أمر الزكاة وما عليهم فيه في كل ما يجب فيه الزكاة، كما أنه صلى الله عليه  وسلم بعث إليهم معاذ بن جبل وعبد الله بن زيد ومالك بن عبادة وعقبة بن نمر ومالك بن مرة، وأمرهم أن يجمعوا ما عندهم من الصدقة والجزية من مخالفهم في الدين مما بقوا على نصرانية أو يهودية، كما أنه صلى الله عليه  وسلم أمرهم أن يحسنوا إلى رُسُله الذين بعثهم إليهم ليعلمهم وليفقهوهم في الدين، وقد أمر النبي صلى الله عليه  وسلم على من بعثهم إلى ملوك حمير معاذ بن جبل بعد أن أوصاه بهم، وقال له: “يسر ولا تعسر وبشر ولا تنفر”، وبعد أن سأله بماذا يحكم فيهم؟ فقال: “بكتاب الله”، فقال: فإن لم تجد؛ فقال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه  وسلم فقال له صلى الله عليه  وسلم: “فإن لم تجد”، فقال: أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلَا آلُو، فتبسم النبي صلى الله عليه  وسلم وقال: “الحمد لله الذي هدى رسول رسول الله إلى ما يرضي رسول الله صلى الله عليه  وسلم.

وفد جُزام:

قدم على النبي صلى الله عليه  وسلم وفد جزام وفيهم رفاعة بن زيد الجزامي الذي كتب له النبي صلى الله عليه  وسلم كتابًا له ولقومه، ولمن دخل معهم أن يدعوهم إلى الله عز وجل فمن أقبل ففي حزب الله ومن أبى فله أمان الله شهرين فأجابه قومه وأسلموا.

وفد همدان:

كما كان من الوفود التي جاءت وفد همدان الذين رحب بهم النبي صلى الله عليه  وسلم قائلًا: نعم الحي همدان ما أسرعها إلى النصر وأصبرها على الجهد، ومنهم أبدان وأوتاد الإسلام فأسلموا وكتب لهم النبي صلى الله عليه  وسلم بما أقطعهم بهم من نواحي بلادهم كتب ذلك لمن أسلم منهم صلى الله عليه  وسلم.

هذه هي أمثلة لبعض الوفود التي وفدت على النبي صلى الله عليه  وسلم تعلن إسلامها، وإن أمر الوفود التي جاءت إليه صلى الله عليه  وسلم إنما يدل على أن دعوة الحق قد انتشرت في أرجاء الجزيرة العربية على اختلاف قبائلها، والتي يعد قدومها إلى المدينة دليلًا واضحًا على ذلك.

ثم إنه صلى الله عليه  وسلم بعث الرسل من عنده معلمين للقبائل، كما بعث المصدقين الذين يجمعون الزكاة من القبائل، والعمال على هذه النواحي حتى تشتد آصرة الانتماء إلى الإسلام، وإلى مدينة النبي صلى الله عليه  وسلم التي توجهت القلوب كلها عن طواعية للمدينة.

فأرسل صلى الله عليه  وسلم  المهاجر ابن أبي أمية إلى صنعاء، كما بعث زياد بن لبيد إلى حضر موت، وعدي بن هشام اليرجوعي على صدقات بني حنظله، وبعث عدي بن حاتم الطائي على طيء وصدقاتها، وبعث علي بن أبي طالب  رضي الله  عنه إلى أهل نجران ليجمع صدقتهم ويقدم عليه بجزيتهم؛ لأنه كان فيهم من أسلم ومن بقي على نصرانيته.

على أن أمر الإسلام لقي في نجد وفي اليمن ما يعكر صفوه بانبعاث مسيلمة الكذاب في بني حنيفة في نجد، وتعرضنا للكتاب الذي بعثه مسيلمة إلى النبي صلى الله عليه  وسلم وبقي أمر مسيلمة بهذه الفتنة التي استشرى أهلها في نجد حتى بعد وفاة النبي صلى الله عليه  وسلم وكانت فتنته من أشد حركات الردة التي قضي عليها في خلافة أبي بكر  رضي الله  عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه  وسلم.

ومن ناحية أخرى فإن كاذب آخر أدعى النبوة في اليمن هو الأسود العنسي الذي استشرى خطره في اليمن بعد أن مات باذان عامل النبي صلى الله عليه  وسلم الذي استجاب لأمر الله ودخل باليمن في الإسلام لما مات بزان هذا انبعث الأسود العنسي بهذه الفتنة وأدعى النبوة واجتمع عليه أناس كثيرون حتى خافه عمال النبي صلى الله عليه  وسلم لأن فتنته عظم خطرها واستشرى أمرها، وما كان انبعاثه إلا بعد موت باذان كما عرفنا فاستولى على صنعاء وتزوج امرأة باذان كرهًا عنها، وقد تعاون جماعة من الأبناء من الفرس على قتل هذا الرجل بمساعدة المزوبانة زوجة باذان وقضى الله على هذه الفتنة التي استشرى خطرها فقد كان هذا الكذاب يستعين بشيطانين أحدهما: يسمى سحيق والآخر يسمى: شقيق كان يخبرانه بكل شيء يحدث من أمور الناس وكان هذا مما فتن الناس به.

ولما تمكن الأبناء في اليمن من قتل الأسود بعثوا إلى النبي صلى الله عليه  وسلم يخبرنه ولكن النبي صلى الله عليه  وسلم جاءه الوحي بذلك من قبل وفاته صلى الله عليه  وسلم بيوم وليلة فأخبر أصحابه بذلك ثم جاء الخبر بعد ذلك بعد خلافة أبي بكر  رضي الله  عنه وقيل: وصل الخبر بذلك صبيح دفن النبي صلى الله عليه  وسلم وهكذا قضى الله على هذه الفتنة في نواحي اليمن، وعاد اليمن مسلمًا، كما كان وعزة كلمة الإسلام فيه، ورجع عمال النبي صلى الله عليه  وسلم إلى أعمالهم ومباشرة ما كلفهم به النبي صلى الله عليه  وسلم.

هذه من الأحداث التي كانت قبل حجه صلى الله عليه  وسلم وهي أحداث عظيمة كانت لها دلالتها على رسوخ الإسلام في نواحي الجزيرة من قبل وفاة النبي صلى الله عليه  وسلم اللهم ما كان من أمر مسيلمة الكذاب في نواحي نجد.

error: النص محمي !!